في سعة حين هرب إلى الغار ، إذ لم يجد أعوانا.
وقد خذلتني الامة. فبايعتك ، ولو وجدت عليك أعوانا ما بايعتك ، وقد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وعادوه ، وكذلك أنا وأبي في سعة من الله عزوجل حين تركتنا الامة ، وبايعت غيرنا ، ولم نجد أعوانا ، وإنما هي السنن والامثال يتبع بعضها بعضا.
أيها الناس لو التمستم بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجلا أبوه وصي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وجده نبي الله غيري وغير أخي لم تجدوا ، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان ، وإني قد بايعت هذا ولا أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.
أيها الناس أنه لا يعاب إحد بترك حقه ، وإنما يعاب من يأخذها ما ليس له وكل صواب نافع ، وكل خطأ غير ضار ، وقد انتهت القضية إلى داود ففهمها سليمان ، فنفعت سليمان ولم تضر داود ، وأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي للمؤمن أنفع ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعمه أبي طالب في الموت قل : لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة ، ولم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول له ، إلا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لاحد من الناس لقول الله عزوجل : «وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار اولئك أعتدنا لهم عذابا أليما» (١).
أيها الناس اسمعوا وعوا ، واتقوا الله وارجعوا ، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق وقد خامركم الطغيان والجحود ، والسلام على من اتبع الهدى (٢).
____________________
(١) النساء : ١٨.
(٢) البرهان مخطوط وترى الحديث في أمالي الشيخ ج ٢ ص ١٧٤ مع اختلاف ، واعلم أنه قال الشهيد الثاني رحمهالله في رسالة حقائق الايمان : اعلم أن جمعا من علماء الامامية حكموا بكفر أهل الخلاف : والاكثر على الحكم باسلامهم ، فان أرادوا بذلك كونهم كافرين في نفس الامر ، لا في الظاهر ، فالظاهر أن النزاع لفظي ، اذ القائلون باسلامهم يريدون ما ذكرناه من الحكم بصحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر لا أنهم مسلمون في نفس الامر فلذا نقلوا الاجماع على دخولهم في النار ، وان أرادوا بذلك