في حب الدنيا لئلا يكون له نسل يعيرون أولاده في رد قربانه وكأن المراد بحب الدنيا أولا حب المال أو حب البقاء في الدنيا وكراهة الموت ، وبه ثانيا حب كل ما لا حاجة به في تحصيل الآخرة وقيل : يمكن أن يكون المراد بالسبع الكبر والحرص وحب النساء وحب الرياسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة وهما شعبة واحدة بقرينة عدم ذكر الحب في المعطوف وأما الحسد فقد اكتفى عنه بذكر شعبه وأنواعه «دنيا بلاغ» اي كفاف وكفاية أو تبلغ بها إلى الآخرة.
١٠ ـ كا : وبهذا الاسناد عن المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : في مناجاة موسى عليهالسلام : يا موسى إن الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عليهالسلام عند خطيئته ، وجعلتها ملعونة ، ملعون ما فيها إلا ما كان فيها لي ، يا موسى إن عبادي الصالحين زهدوا في الدنيا بقدر علمهم ، وسائر الخلق رغبوا فيها بقدر جهلهم ، وما من أحد عظمها فقرت عينه فيها ولا يحقرها أحد إلا انتفع بها (١).
بيان : «جعلتها ملعونة» اللعن الطرد والابعاد والسب ، وكأن المراد بلعنها لعن أهلها ، أو كراهتها والمنع عن حبها وكل ما نهى الله تعالى عنها فقد لعنها وطردها وقيل : العرب تقول لكل شئ ضار ملعون ، والشجرة الملعونة عندهم هي كل من ذاقها كرهها ولعنها وكذلك حال الدنيا فان كل من ذاق شهواتها لعنها إذا أحس بضررها.
«ملعون ما فيها إلا ما كان فيها لي» أقول : هذا معيار كامل للدنيا المعلونة وغيرها ، فكل ما كان في الدنيا ويوجب القرب إلى الله تعالى من المعارف والعلوم الحقة والطاعات وما يتوصل به إليها من المعيشة بقدر الضرورة والكفاف فهي من الآخرة ، وليست من الدنيا ، وكلما يصير سببا للبعد عن الله والاشتغال عن ذكره ويلهي عن درجات الآخرة وكمالاتها ، وليس الغرض فيه القرب منه تعالى والوصول إلى رضاه ، فهي الدنيا الملعونة.
قيل : ما يقع في الدنيا من الاعمال أربعة أقسام : الاول ما يكون ظاهره
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣١٧.