وباطنه لله كالطاعات والخيرات الخالصة ، الثاني ما يكون ظاهره وباطنه للدنيا كالمعاصي وكثير من المباحات أيضا لانها مبدء البطر والغفلة ، الثالث ما يكون ظاهره لله وباطنه للدنيا كالاعمال الريائية ، الرابع عكس الثالث كطلب الكفاف لحفظ بقاء البدن والقوة على العبادة وتكميل النفس بالعلم والعمل.
«بقدر علمهم» أي بعيوبها وفنائها ومضرتها «مامن أحد عظمها فقرت عينه فيها» أي من عظمها وتعلق قلبه بها تصير سببا لبعده عن الله ولا تبقى الدنيا له فيخسر الدنيا والآخرة ، ومن حقرها تركها ولم يأخذ منها إلا ما يصير سببا لتحصيل الآخرة فينتفع بها في الدارين.
١١ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن الشيطان يدبر ابن آدم في كل شئ فاذا أعياه جثم له عند المال فأخذ برقبته (١).
بيان : في القاموس جثم الانسان والطائر والنعام والخشف واليربوع يجثم ويجثم جثما وجثوما لزم مكانه فلم يبرح أو وقع على صدره أو تلبد بالارض انتهى والحاصل أن الشيطان يدبر ابن آدم في كل شئ أي يبعثه على ارتكاب كل ضلالة ومعصية ، أو يكون معه ويلازمه عند عروض كل شبهة أو شهوة لعله يضله أو يزله «فاذا أعياه» المستتر راجع إلى ابن آدم ، والبارز إلى الشيطان ، أي لم يقبل منه ولم يطعه حتى أعياه ، ترصد له واختفى عند المال فاذا أتى المال أخذ برقبته فأوقعه فيه بالحرام والشبهة.
والحاصل أن [ المال اعظم مصائد الشيطان ، إذ قل من لم يفتتن به عند تيسره له ، وكأنه محمول على الغالب ، إذ قد يكون لا يفتتن بالمال ويفتتن بحب الجاه وبعض ] (٢) الشهوات الغالبة وقيل فاذا أعياه أي أعجزه عن كل شهوة ولذة وذلك بأن يشيب كما ورد في حديث آخر : يشيب ابن آدم ويشب فيه خصلتان الحرص وطول الامل.
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣١٥ وفيه «ان الشيطان يدير».
(٢) ما بين العلامتين أضفناه من شرح الكافي ج ٢ ص ٣٠٣.