٣٢ ـ كا : عن عدة من اصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ابي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن هذا الغضب جمرة من الشيطان ، توقد في قلب ابن آدم ، وإن أحدكم إذا غضب احمرت عيناه وانتفخت أوداجه ، ودخل الشيطان فيه ، فاذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الارض ، فان رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك (١).
بيان : الجمرة القطعة الملتهبة من النار ، شبه بها الغضب في الاحراق والاهلاك ونسبها إلى الشيطان لان بنفخ نزغاته ووساوسه تحدث وتشتد ، وتوقد في قلب ابن آدم ، وتلتهب التهابا عظيما ، ويغلى بها دم القلب غليانا شديدا كغلي الحميم فيحدث منه دخان بتحليل الرطوبات ، وينتشر في العروق ، ويرتفع إلى أعالي البدن والدماغ والوجه ، كما يرتفع الماء والدخان في القدر ، فلذلك تحمر العين والوجه والبشرة ، وتنتفخ الاوداج والعروق وحينئذ يتسلط عليه الشيطان كمال التسلط ويدخل فيه ويحمله على ما يريد ، فيصدر منه أفعال شبيهة بأفعال المجانين ، ولزوم الارض يشمل الجلوس والاضطجاع والسجود كما عرفت.
٣٣ ـ كا : عدة من اصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن بعض اصحابه رفعه قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : الغضب ممحقة لقلب الحكيم ، وقال : من لم يملك غضبه لم يملك عقله (٢).
بيان : الممحقة مفعلة من المحق ، وهو النقص والمحو والابطال اي مظنة له ، وإنماخص قلب الحكيم بالذكر لان المحق الذي هو إزالة النور إنما يتعلق بقلب له نور ، وقلب غير الحكيم يعلم بالاولوية ، وإذا عرفت أن الغضب يمحق قلب الحكيم يعني عقله ، ظهر لك حقيقة قوله : «من لم يملك غضبه لم يملك عقله».
قال بعض المحققين : مهما اشتدت نار الغضب وقوي اضطرامها. أعمى صاحبه وأصمه عن كل موعظة ، فاذا وعظ لم يسمع بل تزيده الموعظة غيظا ، وإن
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣٠٤.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٣٠٥.