متصلة بعضها ببعض ، وكان من كثرة النعم أن المرءة كانت تمشي والمكتل على رأسها فيمتلئ بالفواكه ، من غير أن تمس بيدها شيئا.
وقيل : الآية المذكورة هي أنه لم تكن في قريتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ، وكان الغريب إذا دخل بلدهم وفي ثيابه قمل ودواب ماتت عن ابن زيد ، وقيل : إن المراد بالآية خروج الازهار والثمار من الاشجار على اختلاف ألوانها وطعومها.
وقيل : إنما كانت ثلاث عشرة قرية في كل قرية نبي يدعوهم إلى الله سبحانه يقولون لهم «كلوا من رزق ربكم واشكروا له» اي كلوا مما رزقكم الله في هذه الجنان ، واشكروا له يزدكم من نعمه ، واستغفروه يغفر لكم.
«بلدة طيبة» أي هذه بلدة مخصبة نزهة ارضها عذبة ، تخرج النبات وليست بسبخة ، وليس فيها شئ من الهوام المؤذية ، وقيل : أراد به صحة هوائها ، وعذوبة مائها ، وسلامة تربتها ، وأنه ليس فيها حر يؤذي ، في القيظ ، ولا برد يؤذي في الشتاء.
«ورب غفور» أي كثير المغفرة للذنوب ، «فأعرضوا» عن الحق ولم يشكروا الله سبحانه ولم يقبلوا ممن دعاهم إلى الله من أنبيائه «فارسلنا عليهم سيل العرم» وذلك أن الماء كان يأتي ارض سبأ من أودية اليمن ، وكان هناك جبلان يجتمع ماء المطر والسيول بينهما ، فسدوا ما بين الجبلين ، فاذا احتاجوا إلى الماء نقبوا السد بقدر الحاجة ، فكانوا يسقون زرعهم وبساتينهم فلما كذبوا رسلهم وتركوا أمر الله ، بعث الله جرذا نقبت ذلك الردم وفاض الماء عليهم ، فأغرقهم (١).
والعرم المسناة التي تحبس الماء واحدها عرمة ، أخذ من عرامة الماء ، وهو ذهابه كل مذهب ، وقيل : العرم اسم واد كانيجتمع فيه سيول من أودية شتى وقيل : العرم هنا اسم الجرذ الذي نقب السكر (٢) عليهم ، وهو الذي يقال له : الخلد
____________________
(١) مجمع البيان ج ٨ ص ٣٨٦.
(٢) السكر بالكسر اسم من سكر النهر : اى سده ، ويطلق على ما سد به النهر