ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم » الآية (١) فقال : هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض ، وأنهار جارية ، وأموال ظاهرة ، فكفروا نعم الله عزوجل وغيروا ما بأنفسهم من عافية الله ، فغير الله ما بهم من نعمة ، و « إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فأرس الله عليهم سيل العرم فغرق قراهم وخرب ديارهم ، وذهب بأموالهم ، وأبدلهم مكان «جنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل» ثم قال : «ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور» (٢).
بيان : الآيات في سورة سبأ هكذا «لقد كان لسبأ في مسكنهم آية» وقرء أكثر القراء في مساكنهم ، قال الطبرسي قدسسره : ثم أخبر سبحانه عن قصة سبأ بما دل على حسن عاقبة الشكور ، وسوء عاقبة الكفور ، فقال : «لقد كان لسبأ» وهو أبوعرب اليمن كلها ، وقد تسمى بها القبيلة ، وفي الحديث عن فروة ابن مسيك أنه قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن سبأ أرجل هوأم امرأة؟ فقال : هو رجل من العرب ، ولد له عشرة تيامن منهم ستة ، وتشاءم منهم أربعة ، فأما الذين تيامنوا : فالازد وكندة ومذحج والاشعرون والانمار وحمير ، فقال رجل من القوم : ما أنمار؟ قال : الذين منهم خثعم وبجيلة وأما الذين تشاءموا : فعاملة وجذا ولحم وغسان فالمراد بسبأ ههنا القبيلة الذين هم أولاد سبأ بن يشحب بن يعرب ابن قطحان.
«في مسكنهم» اي في بلدهم «آية» اي حجة على وحدانية الله سبحانه وكمال قدرته ، وعلامة على سبوغ نعمه ، ثم فسر سبحانه الآية فقال : «جنتان عن يمين وشمال» اي بستانان عن يمين من آتاهما وشماله ، وقيل عن يمين البلد وشماله وقيل إنه لم يرد جنتين اثنتين والمراد كانت ديارهم على وتيرة واحدة إذ كانت البساتين عن يمينهم وشمالهم
____________________
(١) سبأ : ١٩.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٧٤.