العقل ، بل بما يكمله من خوف النار وحب الملك الغفار.
١٩ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الهيثم بن واقد الحريري ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار السلام (١).
بيان : قال في المغرب : زهد في الشئ وعن الشئ زهدا وزهادة إذا رغب عنه ولم يرده ، ومن فرق بين زهد فيه وعنه فقد أخطأ وقال في عدة الداعي : روي أن النبي صلىاللهعليهوآله سأل جبرئيل عليهالسلام عن تفسير الزهد فقال جبرئيل عليهالسلام : الزاهد يحب من يحب خالقه ، ويبغض من يبغض خالقه ، ويتحرج من حلال الدنيا ، ولا يلتفت إلى حرامها ، فان حلالها حساب وحرامها عقاب ، ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه ، ويتحرج من الكلام فيما لا يعنيه كما يتحرج من الحرام ، ويتحرج من كثرة الاكل كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتها ويتحرج من حطام الدنيا وزينتها كما يجتنب النار أن يغشاها ، وأن يقصر أمله وكان بين عينيه أجله. و «الحكمة» العلوم الحقة المقرونة بالعمل أو العلوم الربانية الفائضة من الله تعالى بعد العمل بطاعته ، وقد مر تحقيقها في كتاب العقل وغيره.
قال الراغب : الحكمة إصابة الحق بالعلم والعقل ، فالحكمة من الله تعالى معرفة الاشياء وإيجادها على غاية الاحكام ، ومن الانسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات ، وهذا هو الذي وصف به لقمان في قوله تعالى : «ولقد آتينا لقمان الحكمة» (٢) ونبه على جملتها بما وصفه بها انتهى (٣).
قوله عليهالسلام : «داءها ودواءها» كأنه بدل اشتمال للعيوب ، اي المراد بتبصير العيوب أن يعرفه أدواء الدنيا من ارتكاب المحرمات ، والصفات الذميمة المتفرعة
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٢٨.
(٢) لقمان : ١٢.
(٣) المفردات : ١٢٧.