على حب الدنيا ، ويعرفه ما يعالج به تلك الادواء من التفكرات الصحيحة والمواعظ الحسنة ، وفعل الطاعات ، والرياضات ، ومجاهدة النفس في ترك الشهوات ، كأن يقال : الطب [ حد ] معرفة الامراض ، بأن يعرف ما تحصل منه وأصل المرض وكيفية علاجه ، أو يقال : الدنيا دنياءان : دنيا بلاغ يصير سببا لتحصيل الآخرة ، ودنيا ملعونة ، فلما ذكر عيوب الدنيا فصلها وبين أن منها ما هو داء ، ومنها ما هو دواء.
ويحتمل حينئذ ارتكاب استخدام بأن يكون المراد بالدنيا أولا الدنيا المذمومة ، وبالضمير الاعم ، ويحتمل أن يكون داؤها تأكيدا لعيوب الدنيا ودواؤها عطفا على العيوب.
وقيل : داؤها ودواؤها مجروران بدلا بعض للدنيا ، فالمراد بعيوب دواء الدنيا شدتها على النفس وصعوبتها ، وربما يقرء دواها بالقصر بمعنى الاحمق اي المبتلى بحب الدنيا ، ولا يخفى بعده «وأخرجه من الدنيا سالما» من العيوب والمعاصي «إلى دار السلام» اي الجنة التي من دخلها سلم من جميع المكاره والالام.
٢٠ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن ابيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن ابي عبدالله عليهالسلام قال : سمعته يقول : جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا.
ثم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يجد الرجل حلاوة الايمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا ، ثم قال أبوعبدالله عليهالسلام : حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الايمان حتى تزهد في الدنيا (١).
بيان : «جعل الخير كله» الخ لما كان الزهد في الدنيا سببا لحصول جميع السعادات العلمية والعملية ، شبه تلك الكمالات بالامتعة المخزونة في بيت والزهد بمفتاح ذلك البيت «لا يجد الرجل» الخ شبه صلىاللهعليهوآله الايمان بشئ حلو في
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٢٨.