ومن لم ير لله عزوجل عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه (١).
بيان : «من لم يتعز بعزاء الله» قال في النهاية : فيه ومن لم يتعز بعزاء الله فليس منا اي من لم يدع بدعوى الاسلام فيقول يا للاسلام ويا للمسلمين ويالله ، وقيل أراد بالتعزي التسلي والتصبر عند المصيبة وأن يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون كما أمر الله تعالى ومعنى قوله بعزاء الله اي بتعزية الله تعالى إياه فأقام الاسم مقام المصدر انتهى وقيل : العزاء مصدر بمعنى الصبر او اسم للتعزية وكلاهما مناسب وعلى الاول إسناده إلى الله تعالى لانه السبب له والباء إما للالية المجازية كما قيل في قوله تعالى : «فتقبلها ربها بقبول حسن» (٢) أو للسببية والحاصل أنه من لم يصبر على ما فاته من الدنيا وعلى البلايا التي تصيبه فيها بما سلاه الله في قوله «وبشر الصابرون * الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون» (٣) وساير الايات الواردة في ذم الدنيا وفنائها ومدح الرضا بقضائه تعالى تقطعت نفسه للحسرات على المصائب وعلى ما فاته من الدنيا وربما يحمل الحسرات على ما يحصل له عند الموت من مفارقتها أو الاعم منها ومما يحصل له في الدنيا وجمعية الحسرات مع كونها مصدرا لارادة الانواع.
«ومن أتبع نظره ما في أيدي الناس» اي نظر إلى من هو فوقه من أهل الدنيا وما في أيديهم من نعيمها وزبرجها نظر رغبة وتحسر وتمن «كثر همه» لعدم تيسرها له ، فيغتاظ لذلك ويحسدهم عليها ، ولا يمكنه شفاء غيظه إلا بأن يحصل له مما في أيديهم أو يسلب الله عنهم جميع ذلك ولا يتيسر له شئ من الامرين فلا يشفى غيظه أبدا ولا يتهنأ له العيش ما رأى في نعمة أحدا ولا يتفكر في أنه إنمامنعه الله تعالى ذلك لانه علم أنه سبب هلاكه فهو يتمنى حالهم ولا يعلم حقيقه مآلهم كما حكى الله
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣١٥.
(٢) آل عمران : ٣٧.
(٣) البقرة : ١٥٦.