في الاجل ، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل ، ولا تقبضها مما افترض الله عليها ولكن توقرها به : تقبضها عن كثير مما لا يحل لها ، وتبسطها بكثير مما ليس عليها فإذا هي قد عقلت وشرفت في العاجل وجب لها حسن الثواب من الله في الاجل.
وأماحق بطنك فأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام ولا لكثير ، وأن تقتصد له في الحلال ولا تخرجه من حد التقوية إلى حد التهوين وذهاب المروة ، فان الشبع المنتهى بصاحبه إلى التخم مكسلة ومثبطة ومقطعة عن كل بر وكرم وإن الرأي المنتهى بصاحبه إلى السكر مسخفة ومجهلة ومذهبة للمروة.
وأما حق فرجك فحفظه مما لا يحل لك والاستعانة عليه بغض البصر فإنه من أعون الاعوان ، وضبطه إذا هم بالجوع والظمأ ، وكثرة ذكر الموت والتهدد لنفسك بالله ، والتخويف لها به ، وبالله العصمة والتأييد ولا حول ولا قوة إلا به.
ثم حقوق الافعال فأما حق الصلاة فأن تعلم أنها وفادة إلى الله وأنك قائم بها بين يدي الله فإذا علمت ذلك كنت خليقا أن تقوم فيها مقام الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرع ، المعظم من قام بين يديه بالسكون والاطراق وخشوع الاطراف ، ولين الجناح ، وحسن المناجاة له في نفسه و [ الطلب ] إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك ، واستهلكتها ذنوبك ولا قوة إلا بالله.
وأما حق الصوم فأن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك ليسترك به من النار ، وهكذا جاء في الحديث «الصوم جنة من النار» فان سكنت أطرافك في حجبتها رجوت أن تكون محجوبا وإن أنت تركتها تضطرب في حجابها وترفع جنبات الحجاب فتطلع إلى ما ليس لها بالنظرة الداعية للشهوة والقوة الخارجة عن حد التقية لله ، لم يؤمن أن تخرق الحجاب ، وتخرج منه ، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق الصدقة فأن تعلم أنها ذخرك عند ربك ، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد ، فإذا علمت ذلك كنت بما استودعته سرا أوثق بما استودعته علانية ، وكنت جديرا أن تكون أسررت إليه أمرا أعلنته ، وكان الامر بينك وبينه فيها سرا على كل