للفعل «وذلك أن الله يقول» الاستشهاد بالاية من حيث إن الله مدح إيثار الفقير مع أنه لا يقدر على الكثير فعلم أنه ليس البر بالكثرة «وثؤثرون على أنفسهم» أي يختارون غيرهم من المحتاجين على أنفسهم ويقدمونهم «ولو كان بهم خصاصة» أي حاجة وفقر عظيم «ومن يوق شح نفسه» بوقاية الله وتوفيقه ، ويحفظها عن البخل والحرص «فاولئك هم المفلحون» أي الفائزون.
والمشهور أن الاية نزلت في الانصار وإيثارهم المهاجرين على أنفسهم في أموالهم ، وروي من طريق العامة أنها نزلت في أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأنه مع بقية أهل بيته لم يطعموا شيئا منذ ثلاثة أيام فاقترض دينارا ثم رأى المقداد فتفرس منه أنه جائع فأعطاه الدينار ، فنزلت الاية مع المائدة من السماء ; وعلى التقديرين يجري الحكم في غير من نزلت فيه «ومن عرفه الله» على بناء التفعيل «بذلك» كأن الباء زائدة أو المعنى عرفه بذلك التعريف المتقدم ، ويمكن أن يقرأ عرفه على بناء المجرد.
٣٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن المؤمن ليتحف أخاه التحفة ـ قلت : وأي شئ التحفة؟ قال : من مجلس ومتكاء وطعام وكسوة وسلام ـ فتطاول الجنة مكافأة له ، ويوحي الله عزوجل إليها أني قد حرمت طعامك على أهل الدنيا إلا علي نبي أو وصي نبي فإذا كان يوم القيامة أوحى الله عزوجل إليها أن كافئ أوليائي بتحفهم ، فتخرج منها وصفاء ووصائف ، معهم أطباق مغطاة بمناديل من لؤلؤ فإذا نظروا إلى جهنم وهولها وإلى الجنة وما فيها طارت عقولهم ، وامتنعوا أن يأكلوا فينادي مناد من تحت العرش إن الله عزوجل قد حرم جهنم على من أكل من طعام جنته فيمد القوم أيديهم فيأكلون (١).
بيان : «ليتحف» على بناء الافعال وهو إعطاء التحفة بالضم وكهمزه ، وهي البر واللطف والهدية ، وقوله «قلت» وجوابه معترضان بين كلام الامام ، و «من» في
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٢٠٧.