عن أبيه عليهماالسلام أن عليا عليهالسلام سأل عن الرجل يصلي فيمر بين يديه الرجل والمرءة والكلب أو الحمار ، فقال : إن الصلاة لا يقطعها شئ ، ولكن ادرؤا ما استطعتم ، هي أعظم من ذلك (١).
تبيين : ( ولكن ادرؤا ) أي ادفعوا المار إما باشارة أو برمي شئ كما فهمه الاصحاب أو ضرر مروره بالسترة لما رواه الكليني (٢) في الموثق ، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لا يقطع الصلاة شئ لا كلب ولا حمار ولا امرءة ، ولكن استتروا بشئ ، فان كان بين يديك قدر ذراع رافعا من الارض فقد استترت.
قال الكليني : والفضل في هذا أن يستتر بشئ ويضع بين يديه ما يتقى به من المار ، فان لم يفعل فليس به بأس ، لان الذي يصلي له المصلي أقرب إليه ممن يمر بين يديه ، ولكن ذلك أدب الصلاة وتوقيرها.
ثم روى مرفوعا عن محمد بن مسلم (٣) قال : دخل أبوحنيفة على أبي عبدالله عليهالسلام فقال له : رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم و فيه ما فيه؟ فقال أبوعبدالله عليهالسلام : ادعوا لي موسى فدعي فقال يا بني إن أبا حنيفة يذكر أنك كنت تصلي والناس يمرون بين يديك فلم تنههم؟ فقال : نعم يا أبت إن الذي كنت اصلي له كان أقرر إلى منهم ، يقول الله عزوجل : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) (٤) قال : فضمه أبوعبدالله عليهالسلام إلى نفسه ثم قال : بأبي أنت وامي يا مودع الاسرار ، وهذا تأديب منه عليهالسلام لا أنه ترك الفضل انتهى.
أقول : قوله ( وفيه ما فيه ) أي وفي هذا الفعل ما فيه من الكراهة ، أو فيه عليهالسلام ما فيه من توقع إمامته وقوله ( وهذا تأديب ) كلام الكليني ويحتمل وجوها :
الاول : أن يكون المعنى أن هذا منه عليهالسلام كان تأديبا لابي حنيفة ، ولذا
____________________
(١) قرب الاسناد ص ٧٢ ط نجف ص ٥٤ ط حجر.
(٢ و ٣) الكافى ج ٣ ص ٢٩٧.
(٤) ق : ١٦.