بليل نزلت ، أم في سهل أم في جبل (١).
أقول : وقال أبوحامد الغزالي في كتاب بيان العلم اللدني في وصف مولانا علي بن أبي طالب عليهالسلام ما هذا لفظه : وقال أميرالمؤمنين علي عليهالسلام : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله دخل لسانه في فمي ، فانفتح في قلبي ألف باب من العلم ، مع كل باب ألف باب ، وقال صلوات الله عليه : لو ثنيت لي وسادة وجلست عليها لحكمت لاهل التوراة بتوراتهم ، ولاهل الانجيل بانجيلهم ، ولاهل القرآن بقرآنهم ، وهذه المرتبة لا تنال بمجرد العلم ، بل يتمكن المرء في هذه الرتبة بقوة العلم اللدني.
وقال علي عليهالسلام : لما حكى عهد موسى عليهالسلام أن شرح كتابه كان أربعين جملا : لو أذن الله ورسوله لي لا تسرع بي شرح معاني ألف الفاتحة حتى يبلغ مثل ذلك يعني أربعين وقرا أو جملا ، وهذه الكثرة في السعة والافتتاح في العلم لا يكون إلا لدنيا سماويا إليها ، هذا آخر لفظ محمد بن محمد الغزالي.
أقول : وذكر أبوعمر الزاهد واسمه محمد بن عبدالواحد في كتابه باسناده أن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : يا با عباس إذا صليت العشاء الاخرة فالحقني إلى الجبان ، قال : فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة ، قال : فقال لي : ما تفسير الالف من الحمد؟ قال : فما علمت حرفا اجيبه قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، قال : ثم قال لي : فما تفسر اللام من الحمد؟ قال : فقلت : لا أعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، قال ثم قال : فما تفسير الميم من الحمد؟ فقلت : لا أعلم ، قال : فتكلم فيها ساعة تامة ، قال : ثم قال : ما تفسير الدال من الحمد؟ قال : قلت : لا أدري قال : فتكلم فيها إلى أن برق عمود الفجر ، قال : فقال لي : قم أبا عباس إلى منزلك وتأهب لفرضك.
قال أبوالعباس عبدالله بن العباس : فقمت وقد وعيت كل ما قال ، ثم تفكرت فاذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المثعنجر.
____________________
(١) الاستيعاب بذيل الاصابة ج ٣ ص ٤٣.