لا عن آراء المجادلين وقياس القائسين ، فأما من قال في القرآن برأيه ، فان اتفق له مصادفة صواب فقد جهل في أخذه عن غير أهله ، وكان كمن سلك طريقا مسبعا من غير حفاظ يحفظونه ، فان اتفقت له السلامة ، فهو لا يعدم من العقلاء الذم والتوبيخ وإن اتفق له افتراس السبع فقد جمع إلى هلاكه سقوطه عند الخيرين الفاضلين وعند العوام الجاهلين ، وإن أخطأ القائل في القرآن برأيه فقد تبوأ مقعده من النار وكان مثله مثل من ركب بحرا هائجا بلا ملاح ولا سفينة صحيحة ، لا يسمع لهلاكه أحد إلا قال : هو أهل لما لحقه ، ومستحق لما أصابه.
وقال صلىاللهعليهوآله : ما أنعم الله عزوجل على عبد بعد الايمان بالله أفضل من العلم بكتاب الله ، والمعرفة بتأويله ، ومن جعل الله له من ذلك حظا ثم ظن أن أحدا لم يفعل به ما فعل به ، وقد فضل عليه ، فقد حقر نعم الله عليه.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله في قوله تعالى : ( يا أيها الناس قد جائكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين * قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرا مما يجمعون ) (١) قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فضل الله عز وجل القرآن والعلم بتأويله ورحمته توفيقه لموالاة محمد وآله الطاهرين ، ومعاداة أعدائهم ، ثم قال صلىاللهعليهوآله : وكيف لا يكون ذلك خيرا مما يجمعون ، وهو ثمن الجنة ونعيمها فانه يكتسب بها رضوان الله الذي هو أفضل من الجنة ، ويستحق الكون بحضرة محمد وآله الطيبين الذي هو أفضل من الجنة ، إن محمدا وآل محمد الطيبين أشرف زينة الجنان.
ثم قال صلىاللهعليهوآله : يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله وبموالاتنا أهل البيت والتبري من أعدائنا أقواما ، فيجعلهم قادة وأئمة في الخير ، تقتص آثارهم ، وترمق أعمالهم ، ويقتدا بفعالهم ، ترغب الملائكة في خلتهم ، وتمسحها بأجنحتهم ، وفي صلواتها تبارك عليهم وتستغفر لهم ، حتى كل رطب ويابس : تستغفر لهم حيتان البحر
____________________
(١) يونس : ٥٧ ـ ٥٨.