يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) (١).
وكانت هذه الاية قد عرضت على سائر الامم من لدن آدم إلى أن بعث محمد صلىاللهعليهوآله فأبوا جميعا أن يقبلوها من ثقلها وقبلها محمد صلىاللهعليهوآله فلما رأى الله عزوجل منه ومن امته القبول ، خفف عنه ثقلها ، فقال الله عزوجل : ( آمن الرسول بما انزل إليه من ربه ) (٢) ثم إن الله عزوجل تكرم على محمد وأشفق على امته من تشديد الاية التي قبلها هو وامته ، فأجاب عن نفسه وامته فقال : ( والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) فقال الله عزوجل : لهم المغفرة والجنة إذا فعلوا ذلك.
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) يعني المرجع في الاخرة ، فأجابه قد فعلت ذلك بتائبي امتك قد أوجبت لهم المغفرة ثم قال الله عزوجل : أما إذا قبلتها أنت وامتك وقد كانت عرضت من قبل على الانبياء والامم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها من امتك فقال الله تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت ) من خير ( وعليها ما اكتسبت ) من شر.
ثم ألهم الله عزوجل نبيه صلىاللهعليهوآله أن قال : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) فقال الله سبحانه : أعطيتك لكرامتك يا محمد إن الامم السالفة كانوا إذا نسوا ما ذكروا فتحت عليهم أبواب عذابي ، ورفعت ذلك عن امتك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) يعني بالاصار الشدائد التي كانت على الامم ممن كان قبل محمد صلىاللهعليهوآله فقال عزوجل : لقد رفعت عن امتك الاصار التي كانت على الامم السالفة وذلك أني جعلت على الامم السالفة أن لا أقبل فعلا إلا في بقاع الارض التي اخترتها لهم ، وإن بعدت ، وقد جعلت الارض لك ولا متك طهورا ومسجدا وهذه من الاصار وقد رفعتها عن امتك.
وساق الحديث إلى أن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهم إذا قد فعلت ذلك بي فزدني ، فألهمه الله سبحانه أن قال : ( ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ) قال
____________________
(١) البقرة : ٢٨٤.
(٢) البقرة : ٢٨٥ وبعدها ٢٨٦.