وبالعناية البالغة التي قام بها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته الأطهار والصحابة الكرام بقي القرآن محفوظاً من أيّ تحريف أو تبديل إنجازاً لوعد الله تعالى الذي وعد بحفظه حيث قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ). ومع كلّ هذا ظهرت دعوى التحريف لوجود الروايات المتعلّقة بجمع القرآن وغيره والتي أصبحت هي سلاحاً لمن يطعن في أصالته.
وعليه فيهمّنا البحث عن موضوع جمع القرآن بتحليل الروايات المتعلّقة به محاولةً للحفظ على أصالة القرآن من أيّ دعوى للتحريف أو التبديل.
ذهب العلماء فيما يراد بجمع القرآن إلى معنيين :
المعنى الأوّل : الجمع بمعنى " الحفظ " (١) ، وجمع القرآن بمعنى حفظ القرآن ، وجمّاع القرآن هم حفّاظه. وممّا لا خلاف فيه أنّ حفّاظ القرآن كانوا على كثرة في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
هذا المعنى هو الذي ورد في قوله تعالى ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ *
______________________
(١) مناع القطان ، مباحث في علوم القرآن ، ص ١١٨.