آيات ربك ، يعني بذلك أمر ربك والآيات هي العذاب في دار الدنيا ، كما عذب الامم السالفة ، والقرون الخالية ، وقال : « أولم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها » (١) يعني بذلك ما يهلك من القرون ، فسماه إتيانا ، وقال : « قاتلهم الله أنى يؤفكون » (٢) أي لعنهم الله أنى يؤفكون فسمى اللعنة قتالا ، وكذلك قال : « قتل الانسان ما أكفره » (٣) أي لعن الانسان ، وقال : « فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى » (٤) فسمى فعل النبي فعلا له ، ألا ترى تأويله على غير تنزيله.
ومثل قوله : « بلهم بلقاء ربهم كافرون » (٥) فسمى البعث لقاء ، وكذلك قوله : « الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم » (٦) أي يوقنون أنهم مبعوثون ، ومثله قوله : « ألا يظن اولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم » (٧) أي أليس يوقنون أنهم مبعوثون؟ واللقاء عند المؤمن البعث ، وعند الكافر المعاينة والنظر ، وقد يكون بعض ظن الكافر يقينا ، وذلك قوله : « ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها » (٨) أي أيقنوا أنهم مواقعوها.
وأما قوله في المنافقين « وتظنون بالله الظنونا » (٩) فليس ذلك بيقين ، ولكنه شك ، فاللفظ واحد في الظاهر ، ومخالف في الباطن ، وكذلك قوله : « الرحمن على العرش استوى » (١٠) يعني استوى تدبيره وعلا أمره وقوله : « وهو الذي في السماء إليه وفي الارض إله » (١١) وقوله : « هو معكم أينما كنتم » (١٢) وقوله :
__________________
(١) الرعد : ٤١.
(٢) براءة : ٣٠.
(٣) عبس : ١٧.
(٤) الانفار : ١٧.
(٥) السجدة : ١٠.
(٦) البقرة : ٤٦.
(٧) المطففين : ٤.
(٨) الكهف : ٥٢.
(٩) الاحزاب : ١٠.
(١٠) طه : ٥.
(١١) الزخرف : ٨٤.
(١٢) الحديد : ٤.