وتعاليت ، فتعساً وبعداً لمن خالفك ونأى عنك ولم يقدّرك حقّ قدرك.
ولنختم هذا البحث بما قاله الإمام علي بن موسى الرضا ، وهو الإمام الثامن من أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وقد اشتهر بالعلم في عهد المأمون ، ولم يبلغ الرابعة عشر من عمره حتّى كان أعلم أهل زمانه.
سأله سائل عن معنى قول جدّه الإمام الصادق : « لا جبر ولا تفويض بل أمرٌ بين أمرين » فأجابه الإمام الرضا :
« من زعم أنّ اللّه يفعل أفعالنا ثمّ يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ، ومن زعم أن اللّه فوّض أمر الخلق والرزق إلى حُججه ـ أي الأئمة ـ فقد قال بالتفويض ، والقائل بالجبر كافرٌ ، والقائل بالتفويض مشركٌ.
أمّا معنى الأمر بين الأمرين فهو وجود السبيل إلى إتيان ما أمر اللّه به ، وترك ما نهى عنه ، أي إنّ اللّه سبحانه أقدره على فعل الشرّ وتركه ، كما أقدره على فعل الخير وتركه ، وأمره بهذا ونهاه عن ذاك » (١).
وهذا لعمري بيان كاف وشاف على مستوى العقول ، ويفهمه كلّ الناس من المثقفين وغير المثققين.
وصدق رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ قال في حقّهم :
__________________
١ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١١٤ ح ١٧ ، الاحتجاج للطبرسي ٢ : ١٩٨.