رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة ، زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، ليلة من الليالي عشاء ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصاً على أنْ ينزل الحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب (١).
اُنظر كيف جعلوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يلتزم بما أمر الله ، ولا يلزم نسائه بالحشمة ، حتّى أنّهم في الحديث جعلوه لا يقبل نصيحة من أحد ، مقابل ذلك أظهروا عمر بن الخطّاب كان أحرص من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على كلّ تلك الأمور ، أليس في هذا الأمر حطّ كبير وشنيع من شأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وطعن في منزلة النبوّة والرسالة.
ولو أردت أنْ تكشف حقائق أخرى من خلال هذا الحديث غير رفع منزلة الصحابي ، فإنّني أطرح عليك عزيزي القارئ سؤالاً أترك لك الإجابة عليه بإنصاف ، لماذا جعلت الرذيلة في هذا الحديث وفي ملاحقة ومراقبة النساء وتتبّع عورة نساء النبيّ على الخصوص ، وحوّلت إلى فضيلة ومنقبة للصحابي على حساب الحطّ من شأن الرسالة والنبوّة ومن شأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صاحب الخلق العظيم.
وللمزيد من المعرفة في هذا الأمر ، ألا وهو الرفع من شأن الصحابيّ على حساب النبوّة والرسالة ، فإنّي أنصحك عزيزي القارئ أنْ تقرأ كتاب صحيح البخاري ، أو صحيح مسلم ، من بدايته إلى نهايته بتدقيق ونزاهة وإنصاف ، فإنّك سوف ترى مئات المواقف ، والتي ربّما هي أشنع من المثال الذي ذكرناه آنفاً ، وأيضاً قراءة موضوع عصمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا البحث.
عزيزي القارئ ، لا زال الجدال والبحث والتقصّي في موضوع عدالة الصحابة ممنوعاً عند أهل السنّة لا يجوز البحث فيه ولا التعليق عليه.
لقد اختلف علماء السنّة اختلافاً كبيراً في الصحابة من ناحية من هو
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٤٦.