والاختلاف ، فمثلاً : من أخذ بآية : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (١).
وترك بقيّة الآيات المتعلّقة بنفس الموضوع قال : بأنّه لا يوجد عذاب في القبر بعد الموت.
ومن أخذ بآية : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (٢) ، هؤلاء قالوا بالاعتقاد بعذاب القبر بعد الموت ، ومن أخذ بآية ثالثة : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (٣) ، وهؤلاء اخذوا رأياً ثالثاً مختلفاً عن غيرهم ، والسبب في الاختلاف كما اشرنا ، عدم دراسة هذه المسألة وغيرها دراسة موضوعيّة متكاملة ، وهذا ما هو متعارف عليه عند مذهب أهل السنّة ، بينما لو نظرت إلى فكر الإماميّة الاثنى عشريّة أتباع المذهب الحقّ ، مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، فهم دائماً ينظرون إلى المسائل نظرة موضوعية متكاملة ، ولم أجد حتّى الآن مسألة واحدة لم تبحث بشكل موضوعي.
فهم ليسوا من الذين يقولون لا تقربوا الصلاة ثُمّ يمسكون ، بل يمشون مع الموضوع وفق ما تريد الآيات ، ويحقّقون بجميع تفاصيلها ، ففي المثال السابق عند الشيعة الإماميّة أنّ الناس في القبر على ثلاثة أصناف أو أنواع ، نوع لا يرى العذاب ، بل يكون في حالة تشبه النوم ، ونوع يعرض عليه من النعيم ما شاء الله حتّى يوم البعث ، ونوع ثالث تعرض عليه النار إلى آخر المسألة.
هذه إحدى المسائل عند أهل السنّة ، والتي تسبّبت في الخلاف والاختلاف والخروج عن الحقيقة والزيغ عنها ، بل وربّما إلى طمسها ، وهناك المئات من
__________________
(١) سورة يس : ٥١ ـ ٥٢.
(٢) غافر : ٤٦.
(٣) سورة يس : ٢٦ ـ ٢٧.