هذا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أمّا في حياته ، فكان المنافقون من الصحابة لهم وجود ونشاط وأثر بالغ ، راجع موضوع اغتيال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واغتيال أمير المؤمنين عليهالسلام في بحثنا هذا ، يتبيّن لك وجود المنافقين من الصحابة ، وأثرهم ونشاطهم وصدّهم لرسول الله ومنعه من أداء رسالته بشتّى الوسائل. وكما ذكرت فأنّهم قد حاولوا اغتيال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عدّة مرّات ، فقد حاولوا عدّة مرّات ان يمنعوا الصحابة من كتابة حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والطعن في عصمته ، وحاول عمر منع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم التوقيع على صلح الحديبيّة (١) ، وألّب المسلمين على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من كتابة كتاب لن تضلّ به الأمّة كما ذكرت لك في أحاديث رزيّة الخميس ، وغير ذلك من الأحداث المشهورة عند المسلمين ، وأقدم لك بعض الآيات والأحاديث والتي تؤكّد وجود المنافقين من الصحابة داخل المدينة المنوّرة أيّام حياته.
قال سبحانه وتعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَاب عَظِيم) (٢).
فالآية تدلّل على أنّ من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين كانوا معه في المدينة صحابة قد تمرّسوا وتجرّدوا للنفاق ، ومن شدّة إتقانهم للنفاق ، ومهارتهم بأدائه ، خفي الأمر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لولا أنّ الله أخبره بهم ، فكيف للمؤمنين أنْ يعرفوهم من شدّة رسوخهم ومهارتهم على وجه يخفى عن البشر ، ولولا أنّ الله سبحانه وتعالى أخبر رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما علم أحد عن هؤلاء القوم شيئاً ، ولذلك لو رجعنا إلى سورة براءة ، لوجدناها تهدّد وتتوعّد وتكشف حقائق مذهله عن المنافقين ووجودهم ونشاطهم وتأثيرهم.
__________________
(١) اُنظر موقف عمر في صلح الحديبية في صحيح البخاري ٤ : ٧٠ ، ٦ : ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) التوبة : ١٠١.