الأحزاب : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ...) (١) أي أنّ الشرع اعتبرهنّ أمّهات للمؤمنين إلاّ أنّ الفرق هنا بين الأمّ الحقيقيّة ، وهذه منزلة الاعتباريّة للأمومة ، أنّها تشبهها في بعض الوجوه ، وتختلف عن الكثير منها ، كالتوارث ، وحرمة النظر إلى وجوههنّ ، وعدم الخلوة بهنّ ، وغير ذلك من الأحكام المتعلّقة بأمّهات المؤمنين.
وبالمناسبة ، أحبّ أنْ أذكر بعض الروايات من كتب أهل السنّة ، والتي تبيّن سبب تحريم الزواج من زوجات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد وفاته ، حيث كان هناك الكثير من المنافقين ينتظرون وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى ينكحوا نساءه من بعده ; لأمر ما في نفوسهم.
قال القرطبيّ في تفسيره : قوله تعالى : (وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا) (٢) ، روى إسماعيل بن إسحاق قال : حدّثنا محمّد بن عبيد قال : حدّثنا محمّد ابن ثور ، عن معمّر ، عن قتادة : أنّ رجلاً قال : لو قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تزوجت عائشة ، فأنزل الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ... ) الآية.
ونزلت : « وأزواجه أمهاتهم ». وقال القشيري ، أبو نصر عبد الرحمن : قال ابن عبّاس : قال رجل من سادات قريش من العشرة الذين كانوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حراء ـ في نفسه ـ : لو توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لتزوجت عائشة. وهي بنت عمّي. قال مقاتل : هو طلحة بن عبيد الله (٣).
قال السيوطيّ في الدرّ المنثور : أخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عبّاس رضياللهعنهما في قوله : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ...) قال : نزلت
__________________
(١) الأحزاب : ٦.
(٢) الأحزاب : ٥٣.
(٣) تفسير القرطبي ١٤ : ٢٢٨.