تزوجت عائشة أو أمّ سلمة ، فأنزل الله (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ...) (١).
وعلى العموم فإنّ موقف المسلمين اتّجاه زوجات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو اعتبارهنّ بما اعتبرهنّ به الشرع الحنيف ، والموقف الآخر ، هو واقع كلّ واحدة منهنّ والتزامها وتقواها بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فمن أوفت بكلّ التزاماتها من التقوى والاحسان والإقرار في البيوت كانت زوجته في الآخرة.
أخرج ابن سعد عن عطاء بن يسار أنّ النبيّ قال لإزواجه : « أيكنّ اتّقت الله ، ولم تأتِ بفاحشة مبيّنة ، ولزمت ظهر حصيرها ، فهي زوجتي في الآخرة » (٢).
قال السيوطي : أخرج الحاكم وصحّحه ، والبيهقي عن عائشة رضياللهعنها قالت : قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « يا عائشة ، إنْ أردت اللحوق بي ، فليكفك من الدنيا كزاد الراكب ، ولا تستخلفني ثوباً حتّى ترقّعيه ، وإيّاك ومجالسة الأغنياء » (٣).
وبالنظر لموقف كلّ واحدة منهنّ على حدة ، ومعرفة حقيقتها وحقيقة التزامها تتحدّد وجهة نظر المؤمن تجاهها ، وهي معرفة الحقّ من الباطل ، ومعرفة وفاءهنّ بعهدهنّ والتزامهنّ ، وعدم أخذ موقف متعصّب تجاه فكرة جامدة لا تتغير ولا تتبدّل ، بحيث تحجب المسلم عن اتّباع الفرقة المحقّة ، كما حصل بين عائشة أمّ المؤمنين ، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.
هنا لابدّ من موقف للمسلم يحدّد وجهة نظره وحركة سيره في هذه الحياة ، ولذلك كان من الضروري معرفة مدى التزامهنّ وتقواهنّ ، ونعرف كلّ واحدة منهنّ ، هل هي من ذوات الثواب المضاعف إذا قرّت في بيتها واتّقت وأحسنت ولم تأت بفاحشة ، أو أنّها خالفت وخرجت ولم تقرّ في بيتها ، ولم تلتفت إلى التحذيرات القرآنيّة والنبويّة الشريفة ، وبالتالي يضاعف لها العذاب ، وهذا يشكّل
__________________
(١) الدرّ المنثور ٥ : ٢١٤.
(٢) الطبقات اكبرى ٨ : ٢٠٨ ، وعنه في كنز العمّال ١٢ : ١٤٢.
(٣) الدرّ المنثور ٣ : ٢٣٨.