ذات يوم : « كيف باحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب » هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجوه (١).
جاء في العواصم من القواصم ، للقاضي أبي بكر بن العربي : قاصمة : روى قوم أنْ البيعة لمّا تمّت لعليّ استأذن طلحة والزبير عليّاً في الخروج إلى مكّة. فقال لهما عليّ : لعلّكما تريدان البصرة والشام فأقسما ألا يفعلا. وكانت عائشة بمكّة. وهرب عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة إلى مكّة ، ويعلى بن أميّة عامل عثمان على اليمن. فاجتمعوا بمكّة كلّهم ، ومعهم مروان بن الحكم. واجتمعت بنو أميّة. وحرّضوا على دم عثمان ، وأعطى يعلى لطلحة والزبير وعائشة أربعماءة ألف درهم. وأعطى لعائشة « عسكراً » جملأ اشتراه باليمن بمائتي دينار. فأرادوا الشام ، فصدّهم ابن عامر وقال : لا ميعاد لكم بمعاوية ، ولي بالبصرة صنائع ، ولكن إليها. فجاءوا إلى ماء الحوأب ، ونبحت كلابه ، فسألت عائشة ، فقيل لها : هذا ماء الحوأب. فردّت خطامها عنه ، وذلك لمّا سمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول : « أيتكنّ صاحبة الجمل الأدبب ، والتي تنبحها كلاب الحوأب »؟ فشهد طلحة والزبير أنّه ليس هذا ماء الحوأب : وخمسون رجلاً إليهم ، وكانت أول شهادة زور دارت في الإسلام (٢).
روى ابن كثير في البداية والنهاية : وكانت حفصة بنت عمر أمّ المؤمنين قد وافقت عائشة على المسير إلى البصرة ، فمنعها أخوها عبد الله من ذلك ، وأبى هو أنْ يسير معهم إلى غير المدينة ، وسار الناس صحبة عائشة في ألف فارس ، وقيل : تسعمائة فارس من أهل المدينة ومكّة ، وتلاحق بهم آخرون ، فصاروا في ثلاثة آلاف ، وأمّ المؤمنين عائشة تحمل في هودج على جمل اسمه عسكر ، اشتراه يعلى ابن أميّة من رجل من عرينة بمائتي دينار ، وقيل : بثمانين ديناراً ، وقيل : غير ذلك.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٢ : ١٧٧ ـ ١٧٨.
(٢) العواصم من القواصم ١ : ١٥١ ـ ١٥٢.