ومن أين تعرف ذلك؟ قال : « أمّا إذا كنت عنّي راضية ، فإنّك تقولين : لا وربّ محمّد! وإذا كنت غضبى ، قلت : لا وربّ إبراهيم! قالت قلت : أجل والله! يا رسول الله! ما أهجر إلا اسمك (١).
وأيضاً كانت هي وحفصة تُغضبان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتهجرانه حتّى يظلّ سائر يومه غضبان.
روى البخاري في صحيحه عن يحيى ، عن عبيد بن حنين : أنّه سمع ابن عبّاس رضياللهعنهما يحدّث أنّه قال : مكثت سنة أريد أنْ أسأل عمر بن الخطّاب عن آية ، فما استطيع أنْ أسأله هيبة له ، حتّى خرج حاجّاً فخرجت معه ، فلمّا رجعت وكنّا ببعض الطريق ، عدل إلى الأراك لحاجة له ، قال : فوقفت له حتّى فرغ ، ثُمّ سرت معه فقلت : يا أمير المؤمنين ، من اللتان تظاهرتا على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أزواجه ، فقال : تلك حفصة وعائشة ، قال : فقلت : والله إن كنت لأريد أن أسئلك عن هذا منذ سنة ، فما استطيع هيبة لك ، قال : فلا تفعل ، ما ظننت إنّ عندي من علم فاسألني ، فإنّ كان لي علم خبرتك به ، قال : ثُمّ قال عمر : والله إنْ كنّا في الجاهلية ما نعدّ للنساء أمراً ، حتّى أنزل الله فيهنّ ما أنزل ، وقسم لهن ما قسم ، قال : فبينا أنّا في أمر أتأمره إذ قالت امرأتي : لو صنعت كذا وكذا ، قال : فقلت لها : ما لكِ ولما ههنا ، فيما تكلّفك في أمر أريده؟ فقالت لي : عجبا لك يا ابن الخطّاب ، ما تريد أنْ تراجع أنت ، وإنّ ابنتك لتراجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى يظلّ يومه غضبان ، فقام عمر ، فأخذ رداءه مكانه حتّى دخل على حفصة فقال لها : يا بنيّة ، إنّك لتراجعين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى يظل يومه غضبان؟ فقالت حفصة : والله ، أنّا لنراجعه ، فقلت : تعلمين أنّي أحذّرك عقوبة الله ، وغضب رسوله صلّى الله عليه وسلّم ، يا بنيّة لا تغرّنك هذه التي أعجبها حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إيّاها ، يريد عائشة ، قال : ثُمّ خرجت حتّى دخلت على أمّ سلمة لقرابتي منها ،
__________________
(١) صحيح مسلم ٧ : ١٣٥.