رجل لم يعصمه الله ، ولم يذهب عنه الرجس ، وربّما كان داخلاً في دائرة من توعدتهم سورة براءة.
إذن فتبليغ الوحي مهمّة عظيمة ، لا ينوب عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها إلا شخص مثل عليّ ، قال عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « عليّ منّي وأنا من عليّ ، ولا يؤدّي عنّي إلا أنا أو عليّ » (١) ، ولذلك انتزعها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أبي بكر ، حتّى يُري المسلمين جميعاً أنّ ابا بكر ليس من أهل هذا المقام ، ولقد كانت حركة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه بشكل قاطع وجازم ، أنّها من الوحي ; لإقامة الحجّة على المسلمين بتقديم عليّ بن أبى طالب بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على غيره من الصحابة.
فقد روى النسائي قال أخبرنا زكريا بن يحيى قال : حدّثنا عبد الله بن عمر قال : حدّثنا أسباط عن فطر ، عن عبد الله بن شريك ، عن عبد الله بن رقيم ، عن سعد قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر ببراءة حتّى إذا كان ببعض الطريق أرسل عليّاً فأخذها منه ، ثُمّ سار بها ، فوجد أبو بكر في نفسه فقال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « إنّه لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي » (٢). هذا وقد ذكرت هذه الرواية بأسانيد ومتون مختلفة ، في مصادر أهل السنّة ، ذكرنا واحدة منها فقط للاختصار (٣).
وأيضاً لبيان عظمة ومنزلة أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب عند الله ورسوله ، فقد زوّجه الله بسيّدة نساء العالمين ، وسيّدة نساء أهل الجنّة بضعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من فوق سبع سماوات ، والتي غضبها من غضب الله ، ورضاها من رضى الله ، حيث كان قد تقدّم لخطبتها أبو بكر ، وعمر
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٣٠٠.
(٢) السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٢٩.
(٣) اُنظر مثلاً : مسند أحمد ١ : ٣ ، مسند أبي يعلى ١ : ١٠٠ ، تاريخ دمشق ٤٢ : ١١٧ ، الدرّ المنثور ٣ : ٢٠٩.