وإلاّ فإنّ المقارنة بين الأمم السابقة حاصلة وبشكل واضح في كلّ ما ذكرنا ، لكن ، لابدّ من إكمال الموضوع للإجابة على بعض التساؤلات المهمّة ، حتّى نستطيع أنْ نختم الموضوع.
يجب أنْ يعرف الجميع أنّ السيّدة الزهراء عليهاالسلام قد توفيت وانتقلت إلى الرفيق الأعلى ، ولم تبايع أبا بكر ، بل بالعكس ، ماتت وهي غاضبة وواجدة عليه وعلى من تبعه في أفعاله وسلوكه. وقد مرّ ذلك في الحديث في صحيح مسلم والبخاري (١).
إذن لم تبايع ، وأوذيت وغضبت ولم ترضّ. وهذا يعني أنّ كلّ ما حصل لها هو أذى وغضب تنطبق عليه الأحاديث في المجموعة الأولى ، وعلى رأسها حديث عن عليّ عليهالسلام أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لفاطمة عليهاالسلام : « إنْ الله يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك » (٢). قال تعالى في سورة الأحزاب : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) (٣).
هذه هي الحقيقة الدامغة التي يجب أنْ لا ننكرها ، ولا ينكرها أحد. بل نعتقدها اعتقاداً جازماً.
ثُمّ إنّها لم تبايع أبا بكر ، مع أنّها تعلم علم اليقين بالحديث النبويّ الشريف عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم « من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية » ، وهذا حديث صحيح عند جميع فرق المسلمين وطوائفهم.
وروى مسلم في صحيحه ، عن ابن عمر ، أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : « من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية » (٤).
وروى ابن حبّان في صحيحه عن أبي صالح ، عن معاوية قال : قال رسول
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ : ٨٢ ، صحيح مسلم ٥ : ١٥٤.
(٢) المستدرك ٣ : ١٥٤.
(٣) الأحزاب : ٥٧.
(٤) صحيح مسلم ٦ : ٢٢.