الآية تصرّح بأنّ الهدف من بعث الأنبياء هو القضاء بين الناس في ما اختلفوا فيه ، وليس المراد من القضاء إلا القضاء بالحقّ ، وهو فرع وصول الحقّ إلى القاضي بلا تغيير وتحريف.
ويقول سبحانه وتعالى في سورة النجم : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (١).
فالآية تصرّح بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينطق عن الهوى ، أي لا يتكلم بداعي الهوى. فالمراد إمّا جميع ما يصدر عنه من القول في مجال الحياة كما هو مقتضى إطلاقه أو خصوص ما يحكيه من الله سبحانه ، فعلى كلّ تقدير فهو يدل على صيانته وعصمته في مجال إبلاغ الرسالة.
إنّ القرآن الكريم يؤكّد ويصرّح بأنّ الهدف من بعث الأنبياء هو تزكية نفوس الناس وتصفيتهم من الرذائل وغرس الفضائل فيها ، قال سبحانه حاكياً عن لسان إبراهيم : (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) (٢) ، (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلال مُّبِين) (٣).
والمراد من التزكية هو تطهير القلوب من الرذائل ، وإنماء الفضائل ، وهذا ما يسمّى في علم الأخلاق بـ ( التربية ) ولا شكّ أنّ تاثير التربية في النفوس يتوقف على إذعان من تراد تربيته بصدق المربّي وإيمانه بتعاليمه ، وهذا يعرف من خلال عمل المربّي بما يقوله ويعلمه ، وإلا فلو كان هناك انفكاك بين القول والعمل ، لزال
__________________
(١) النجم : ٣ ـ ٤.
(٢) البقرة : ١٢٩.
(٣) آل عمران : ١٦٤.