أرسلني فقال : اقرأ.
فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطّني الثالثة حتّى بلغ منّي الجهد ، ثُمّ أرسلني فقال : اقرأ باسم ربّك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربّك الأكرم ، الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم ، فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتّى دخل على خديجة فقال : زمّلوني زمّلوني فزمّلوه حتّى ذهب عنه الروع ثُمّ قال لخديجة : أي خديجة مالي ، وأخبرها الخبر.
قال : لقد خشيت على نفسي.
قالت له خديجة : كلا ، ابشر فوالله لا يخزيك الله أبداً ، والله إنّك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحقّ ، فانطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، وهو ابن عمّ خديجة أخي أبيها وكان امرءاً تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربيّة ما شاء الله أنْ يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمى ، فقالت له خديجة : أي عمّ اسمع من ابن أخيك.
قال ورقة بن نوفل : يا ابن أخي ماذا ترى ، فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلم خبر ما رآه. فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى عليهالسلام ياليتني فيها جذعاً ، يا ليتني أكون حيّاً حين يخرجك قومك.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : أو مخرجي هم.
قال ورقة : نعم ، لم يأت رجل قطّ بما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزّراً » (١).
يتبيّن من تلك الروايات بحسب ما يدّعي أهل السنّة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان
__________________
(١) صحيح مسلم ١ : ٩٧ ـ ٩٨.