شاكّا ومتردّداً في نبوّته ، حتّى بعد نزول الوحي والقرآن عليه ، وهبوط جبريل إليه ، وكان لا يعرف ما الذي يجري معه ، وأظنّ أنّ واضعي مثل هذه الأحاديث المفتراة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أرادوا بذلك تثبيت ما كان أهل الجاهليّة يعتقدونه بعد نزول الوحي من أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كاهن أو شاعر ، مع أنّه كان يكره الكهّان والشعراء ، ولكنّ ورقة بن نوفل ساعده حتّى أذهب عنه ما كان فيه من الخوف والروع ، وأخبره بأنّ ما جاءه هو الوحي والرسالة ثُمّ انّه لمّا توفى ورقة بن نوفل حزن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كثيراً وانقطع عنه الوحي فأراد الانتحار.
فعلى هذا كيف يعقل أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يعلم أنّه نبي ورسول حتّى بعد نزول الوحي عليه ، في حين أنّ الكهنة والرهبان كانوا على علم برسالته منذ أمد بعيد.
وهل يعقل أنْ يبعث الله نبيّاً وليس للرسول خبر عن هذه الرسالة الملقاة على عاتقه؟ حتّى أنّه لا يستطيع أنْ يميّز بين الوحي الإلهي والوسواس.
إنّ جواب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لجبرائيل الأمين لما قال له : أقرأ ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أنا بقارئ ، يفهم منه أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعلم ولم يفهم مقصود جبرائيل ، لأنّ جبرائيل كان يقصد من قوله : اقرأ ، أي رتّل وكرّر ما أتلوه عليك ، ولكنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فهم عكس هذا القول ، وأنّ مقصد جبرائيل هو أنْ يقرأ ما كان مكتوباً على اللوح ، وعلم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قصده الملك في المرّة الثالثة لمّا كرّر جبرائيل قوله وأنهى ما كان فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من المعضل والترديد.
ولكن يتبادر سؤال : هل أنّ جبرائيل كان ضعيف البيان والأداء ، بحيث لا يستطيع أنْ يؤدّي الرسالة حقّ الأداء؟ أو أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قاصر الفهم ولم يعلم المقصود؟ هل هذا ما أراده رواة تلك الأحاديث ، وهو الطعن في علم ومعرفة وعصمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي وردت فيه عشرات الأحاديث أنّه كان نبيّا وآدم بين الماء والطين كما سيتبين لك من خلال البحث.