عليه وسلّم : « يوشك أنْ يقعد الرجل منكم على أريكته ، يحدّث بحديثي فيقول : بيني وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه حراماً حرّمناه ، وإنّما حرّم رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، كما حرّم الله » (١).
ومن المعروف في اللغة العربية أنّ كلمة ( يوشك ) هي من أفعال المقاربة. أي تدلّ على حدوث هذا الفعل بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة ، ولو كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو سيّد البلغاء ، وأفصح العرب ، لو كان يريد الزمن البعيد ، لقال : يأتي زمان ، أو يكون في آخر الزمان ، كما ذكر في أحاديث كثيرة.
ثمّ إنّ أبا بكر لم يكتف بذلك ، بل أراد أنْ يسلك طريقاً أشدّ وأوضح ، حتّى يؤكّد على معنى نبذ السنّة وتركها. فقد قام بخطوة خطيرة جداً ضدّ أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. حيث قام بجمع الأحاديث النبويّة التي كانت عنده ، وقام بحرقها جميعا ، وهذا الحدث الخطير ، موجود في صحاح أهل السنّة وكتبهم ، وإليك بعض من تلك الروايات ، التي تؤكّد وقوع هذا الحادث الخطير.
روى المتقي الهندي في كنز العمّال عن مسند الصدّيق ، بسنده عن القاسم بن محمّد قال : قالت عائشة : جمع أبي الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكانت خمسمائة حديث فبات ليلة يتقلّب كثيراً ، قالت : فغمّني ، فقلت : تتقلّب لشكوى أو لشيء بلغك. فلمّا أصبح قال : أي بنيّة ، هلمّي الأحاديث التي عندك. فجئته بها ، فدعا بنار فأحرقها وقال : خشيت أنْ أموت وهي عندك ، فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ، ولم يكن كما حدّثني ، فأكون قد تقلّدت ذلك (٢). ورواه الطبري في الرياض النضرة (٣).
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ١ : ١٠٩.
(٢) كنز العمّال ١٠ : ٢٨٥.
(٣) الرياض النضرة في فضائل العشرة ١ : ١٧٣.