بالكتابة ،
وكان المسلمون يستطيعون التمييز بين الآية والحديث.
والأمر الثاني : أنّ الله سبحانه وتعالى قد تكفّل بحفظ القرآن وآياته حيث قال : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (١) ، وهذا الحفظ الإلهي للقرآن والعقيدة ، يبعّد أيّ ادّعاء من نوع ادّعاءات عمر.
ثمّ لو كان هذا الادّعاء صحيحاً ، لما دعى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى كتابة حديثه وحفظه ورعايته وتبليغه ، فالله أمر رسوله بتبليغ الإسلام من قرآن وحديث ، حيث قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ) (٢) ، وكذلك فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قال في عدّة مناسبات : إنّي أوتيت القرآن ومثله معه.
فقد روى أبو داود في سننه ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أنّه قال : « ألا إنّي أوتيت الكتاب ومثله معه ، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن ; فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه ، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه » (٣).
وجاء في الدرّ المنثور للسيوطي : أخرج الدارمي ، عن يحيى بن أبي كثير قال : كان جبريل ينزل بالسنّة ، كما ينزل بالقرآن (٤).
وأيضاً فإنّ من المعلوم من الدين بالضرورة ، أنّه لا يمكن أنْ يفهم القرآن بدون أنْ يبيّنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويبيّن أحكامه ، ويشرح مفصّله ، أو يخصّص عمومه ، أو يبيّن ناسخه من منسوخة ، فالحديث النبوي إذاً ضرورة دينية لابدّ من وجودها ،
__________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) المائدة : ٦٧.
(٣) سنن أبي داود ٢ : ٣٩٢.
(٤) الدرّ المنثور ٦ : ١٢٢.