له ومواساته إيّاه في كلّ خوف وهول ، واحتجاجك عليّ وفخرك بفضل غيرك لا بفضلك.
فأحمد إلهاً صرف الفضل عنك ، وجعله لغيرك فقد كنّا وأبوك معنا في حياة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، نرى حقّ ابن أبي طالب لازماً لنا ، وفضله مبرزاً علينا ، فلمّا اختار الله لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما عنده ، وأتمّ له ما وعده ، وأظهر دعوته ، وأفلج حجّته ، قبضه الله إليه ، فكان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزّه وخالفه ، على ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثمّ دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عنهما وتلكّأ عليهما ، فهما به الهموم ، وأرادا به العظيم ، فبايع وسلّم لهما ، يشركانه في أمرهما ، ولا يطلعانه على سرّهما ، حتّى قبضا وانقضى أمرهما. ثمّ قام بعدهما ثالثهما عثمان بن عفّان ، يهتدي بهديهما (١) ... ـ إلى آخر الكتاب ـ. أوردنا جواب معاوية لما فيه من الاعتراف بما ذكره محمّد بن أبي بكر. وأورد تمام الكتابين نصر بن مزاحم من كتابه وقعة صفّين (٢) ، والمسعودي في مروج الذهب (٣) ، وأشار إليهما الطبريّ ، وابن الأثير ، في ذكرهما حوادث سنة ست وثلاثين هجريّة (٤).
وكان من نتائج كلّ الفترة الزمنية من بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وحتّى عصر الأمويين ثمّ العباسيين أنْ ازداد وضع الحديث ، وازداد عدد الواضعين ، ودخلت الكثير من الإسرائيليات والحديث بما تريده السلطات والفئات الحاكمة.
في هذه الأثناء لم ينقطع أهل البيت وأبناؤهم عن سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ; لأنّهم لم ينقطعوا عن أئمّتهم سلام الله تعالى عليهم : أولئك الأئمّة من أهل البيت الذين هم أدرى بما فيه ، فقد كانوا دائما يحدّثون عن آبائهم وأجدادهم عن
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٣ : ١٨٨ ـ ١٩٠.
(٢) وقعة صفّين : ١١٨ ـ ١٢٠.
(٣) مروج الذهب ٣ : ٢٠ ـ ٢٣.
(٤) تاريخ الطبري ٣ : ٥٧٧ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٢٧٣.