مصدقا لما بين يديه من الكتب ، ودليلاً على الشرائع ، فدعا إلى سبيل أمره بالحكمة والموعظة الحسنة ، فكان أوّل من أجاب وأناب ، وصدق ووافق ، فأسلم وسلّم ، أخوه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فصدقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كلّ حميم ، فوقاه كلّ هول ، وواساه بنفسه في كلّ خوف ، فحارب حربه ، وسالم سلمه ، فلم يبرح مبتذلاً لنفسه في ساعات الأزل ، ومقامات الروع ، حتّى برز سابقاً لا نظير له في جهاده ، ولا مقارب له في فعله ، وقد رأيتك تساميه وأنت أنت ، وهو هو السابق المبرز في كلّ خير ، أوّل الناس إسلاماً ، وأصدق الناس نيّة ، وأطيب الناس ذريّة ، وأفضل الناس زوجة ، وخير الناس ابن عمّ. وأنت اللعين ابن اللعين ، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لدين الله الغوائل ، وتجهدان على إطفاء نور الله ، وتجمعان على ذلك الجموع ، وتبذلان فيه المال ، وتحالفان في ذلك القبائل ، على هذا مات أبوك ، وعلى ذلك خلّفته ، والشاهد عليك بذلك من يأوي ويلجأ إليك من بقيّة الأحزاب ، رؤوس النفاق والشقاق لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والشاهد لعليّ مع فضله وسابقته القديمة ، أنصاره الذين ذكروا بفضلهم في القرآن ، ففضّلهم وأثنى عليهم من المهاجرين والأنصار ، فهم معه كتائب وعصائب ، يجالدون بأسيافهم ، ويهريقون دماءهم دونه ، يرون الفضل في اتّباعه ، والشقاق والعصيان في خلافه ، فكيف ـ يا لك الويل ـ تعدل نفسك بعليّ ، وهو وارث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووصيّه وأبو ولده ، وأوّل الناس له اتّباعا ، وآخرهم به عهداً ، يخبره بسرّه ، ويشركه في أمره ...
فردّ عليه معاوية برسالة هذا نصّها :
من معاوية بن أبي سفيان إلى الزاري على أبيه محمّد بن أبي بكر ، سلام على أهل طاعة الله ، أمّا بعد ، فقد أتاني كتابك ، تذكر فيه ما الله أهلّه في قدرته وسلطانه وما أصفى به نبيّه ، مع كلام ألّفته ووضعته ، لرأيك فيه تضعيف ، ولأبيك فيه تعنيف.
ذكرت حقّ ابن أبي طالب ، وقديم سوابقه وقرابته من نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونصرته