المسجد ، ومنعوه من الرواية ، ثمّ إنّهم قاموا بغسل المنبر الذي كان يحدّث الناس عليه ، ليزيلوا نجاسته على حسب ما يدّعون. وإليك الرواية :
قال الذهبيّ في سير أعلام النبلاء : قال عليّ بن محمّد الطيب الجلابي في ( تاريخ واسط ) : ابن السّقا من أئمة الواسطيين الحفّاظ المتقنين ، قال السلفي سألت خميس الحوزي عن ابن السقا ، فقال : هو من مزينة مضر ، ولم يكن سقّاء ، بل هو لقب له ، كان من وجوه الواسطيين ، وذوي الثروة والحفظ ، رحل به أبوه ، وأسمعه من أبي خليفة ، وأبي يعلى ، وابن زيدان البجلي ، والمفضل الجندي وجماعة ، وبارك الله في سنه وعلمه ، واتفق أنّه أملى حديث الطائر ، فلم تحتمله أنفسهم فوثبوا به ، وأقاموه ، وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته لا يحدّث أحداً من الواسطيين ، ولهذا قل حديثه عندهم (١).
جاء في البداية والنهاية : وقتلت العامّة وسط الجامع شيخاً رافضيّاً كان مصانعاً للتتار على أموال الناس يقال له : الفخر ، محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي ، كان خبيث الطويّة ، مشرقيّاً ممالئاً لهم على أموال المسلمين ، قبّحه الله. وقتلوا جماعة مثله من المنافقين ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا ، والحمد لله ربّ العالمين (٢).
ومن المعلوم أنّ الكنجيّ من أكابر علماء أهل السنّة ولكنه ألف كتاب سماه كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، قتله أهل السنّة بسبب هذا الكتاب سنة ٦٥٨ هجريّة.
وهناك قضيّة أخرى ، ذكرت لك لمحة بسيطة عنها خلال هذا البحث ، وهو أنّه كلّما كان الراوي مبغضا لعليّ عليهالسلام ، كانت الثقة به أكثر ، وكلّما كان أكثر التصاقا
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٦ : ٣٥٢.
(٢) البداية والنهاية ١٣١ : ٢٥٦.