« دعهما يا أبا بكر ، فإنّها أيّام عيد ، وتلك الأيّام أيّام منى. وقالت عائشة : رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسترني ، وأنا أنظر إلى الحبشة ، وهم يلعبون في المسجد ، فزجرهم عمر ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « دعهم ، أمناً بني أرفدة » (١).
وروى مسلم في صحيحه ، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدّثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : دخل عليّ أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار ، تغنيّان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث ، قالت : وليستا بمغنيتين ، فقال أبو بكر : أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « يا أبا بكر! إنّ لكلّ قوم عيداً ، وهذا عيدنا » (٢).
جعلوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يتلهّى عن الفقراء ويتصدّى للأغنياء :
ويقول كذلك أهل السنّة : إن الآيات الكريمة : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الأَْعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ... ) (٣).
قد نزلت عتاباً للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لعبوسه بوجه عبد الله بن مكتوم ، والذي كان ضرّيراً ، وإنّ سبب إعراض الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عنه حسب ما يرويه أهل السنّة هو انشغاله بالحديث مع عتبة بن ربيعة ، وأبا جهل بن هشام ، والعبّاس بن عبد المطلّب ، وأبياً ، وأمية بن خلف ، يدعوهم إلى الله ويرجو إسلامهم ، وقد طلب ابن مكتوم من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حينها أنْ يقرؤه ويعلمه ممّا علّمه الله حتّى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لقطعه كلامه وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد إنّما أتباعه من
__________________
(١) المصدر نفسه ٢ : ١١.
(٢) صحيح مسلم ٣ : ٢١.
(٣) عبس : ١ ـ ٤.