ففاداهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فأنزل الله ( لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (١) ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « إنْ كاد ليمسّنا في خلاف ابن الخطّاب عذاب عظيم ، ولو نزل العذاب ما أفلت إلا عمر » (٢).
اتّهموا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه لم يجمع القرآن الكريم :
اتّهموه بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم توفي ولم يجمع القرآن ، وهذه من القضايا الخطيرة التي يتبنّاها أهل السنّة ، واتهّموا بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وطعنوا في عصمته ونبوّته ورسالته ، وجعلوا منها فضائل لأبي بكر وعمر وعثمان ، ألا وهي قضيّة جمع القرآن ، وأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم توفي ولم يهتمّ بالقرآن الكريم ولم يجمعه ، وكانت آياته متفرّقة بين الناس.
والله سبحانه وتعالى يقول في سورة القيامة : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) (٣) ، ووردت الأحاديث عند السنّة أنّ جبريل كان يراجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرآن كلّ سنة مرّة ، وآخر سنة من حياته الشريفة راجعه فيها مرّتين (٤) ، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعرض القرآن على جبريل عليهالسلام في كلّ عام مرّة فلمّا كان في العام الذي قبض فيه ، عرضه عليه مرّتين (٥).
كذلك ذكرت الأحاديث أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مهتمّاً بكلّ صغيرة وكبيرة فيما يتعلّق بالقرآن الكريم من ناحية الترتيب والرعاية والحفظ ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كثيراً ما يقول ضعوا آية كذا في مكان كذا.
وروى في الإتقان في علوم القرآن : قال ابن الحصّار : ترتيب السور ووضع
__________________
(١) الأنفال : ٦٨.
(٢) الدرّ المنثور ٣ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣.
(٣) القيامة : ١٧.
(٤) مسند أحمد ٢ : ٣٩٩ ، صحيح البخاري ٦ : ١٠٢ ، صحيح مسلم ٧ : ١٤٣.
(٥) مسند أحمد ١ : ٢٧٦. قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح ( مجمع الزوائد ٩ : ٢٨٨ ).