جعلوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يخالف أمر الله في الأسرى :
ومثل ذلك ما يروى عن أخذ الفداء من الأسرى يوم بدر ، وأنّ الآية : ( مَا كَانَ لِنَبِيّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (١) ، نزلت ـ على حسب رأي أهل السنّة ـ عتاباً للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بسبب أخذه الفداء من أسرى بدر وعدم قتله لهم ، في نفس الوقت الذي كان فيه عمر بن الخطّاب يريد قتلهم جميعاً ، فنزلت الآية مؤيّدة لرأي عمر ، ورووا ما يؤيّد رأيهم قولاً وضعوه من عندهم ، ونسبوه إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بشأن معنى الآية السابقة الذي يتضمّن تهديداً بالعذاب الشديد ، ولكن لمن ذلك التهديد؟ فهل كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الآية يريد عرض الدنيا؟ حاشاه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإننّي أعتقد أنّ هذا الأمر لا يجوز أنْ يعتقد به أحد ، ولكنّ أهل السنّة اعتقدوا به ، وأنّ الرسول كان ممّن يريدون عرض الدنيا.
فيروي أهل السنة أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يبكي مع أبي بكر ، حيث قال : « إنْ كاد ليمسّنا في خلاف ابن الخطّاب عذاب عظيم ، ولو نزل عذاب ما أفلت منه إلا ابن الخطّاب ».
قال في الدرّ المنثور : أخرج ابن المنذر ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، من طريق نافع ، عن ابن عمر قال : « اختلف الناس في أسارى بدر ، فاستشار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر وعمر رضياللهعنهما. فقال أبو بكر رضياللهعنه : فادهم. وقال عمر رضياللهعنه : اقتلهم. قال قائل : أرادوا قتل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وهدم الإسلام ويأمره أبو بكر بالفداء! وقال قائل : لو كان فيهم أبو عمر أو أخوه ما أمره بقتلهم! فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقول أبي بكر ،
__________________
(١) الأنفال : ٦٧ ـ ٦٨.