فاذنّا ، فلمّا فرغ أذنه به ، فجاء ليصلّي عليه ، فجذبه عمر فقال : أليس قد نهاك الله أنْ تصلّي على المنافقين؟ فقال : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ) (١) ، فنزلت : ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ ) (٢) ، فترك الصلاة عليهم (٣).
وفي رواية أخرى عن عمر نفسه قال : « ... فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٤).
ولا يستفاد من هذه الحادثة سوى خطأ عمر وشدّة اعتراضه على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وكما اعترف عمر نفسه بذلك ، فعن الشعبيّ أنّ عمر بن الخطّاب قال : لقد أصبت في الإسلام هفوة ما أصبحت مثلها قط ، أراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصلي على عبد الله بن أبي ، فاخذت بثوبه ، فقلت : والله ما أمرك الله بهذا ، لقد قال الله : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ) (٥) ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد : خيرّني ربّي ، فقال : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) (٦).
على أنّني لا أظنّ أنّ هذه الحادثة حصلت على الوجه المذكور ; لأنّه ثبت أنّ عمر جذب ثوب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لكنّ بقيّة القصّة لُفّقت حتّى يحول خطأ عمر إلى منقبة مقابل مخالفة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمر الله ، وفي ذلك تنقيص من شأن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وطعن في عصمته ، وهذا ممّا لا يقبله عقل ولا شرع.
__________________
(١) التوبة : ٨٠.
(٢) التوبة : ٨٤.
(٣) صحيح البخاري ٧ : ٣٦.
(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٠٠ ، ٥ : ٢٠٧.
(٥) تفسير ابن أبي حاتم ٦ : ١٨٥٣ ـ ١٨٥٤.
(٦) التوبة : ٨٠.