علىٰ تلك المبادىء والوصايا بمجرد موته ، فهو بمثابة من أنكر نبوته وكذّب وحيه.
ولقد سجّل بعض الصحابة أرقاماً فاقت حدّ التصور في الإحداث والانقلاب بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فكانوا مصاديق لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ليردنّ عليّ الحوض رجالٌ ممّن صحبني ورآني ، حتىٰ إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولنّ : ربّ أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، انهم ارتدوا علىٰ أعقابهم القهقري » ، وفي لفظ آخر : « فيقال : إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدين علىٰ أعقابهم منذ فارقتهم » (١).
ويؤكد انقلابهم علىٰ أعقابهم ما أخرجه الواقدي ومالك من حديثه صلىاللهعليهوآلهوسلم حين صلّىٰ علىٰ شهداء أُحد فقال : « أنا علىٰ هؤلاء شهيد ». فقال أبو بكر : ألسنا يا رسول الله بإخوانهم ، أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا ؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « بلىٰ ، ولكن لا أدري ما تُحدِثون بعدي » (٢).
وهكذا كان عميد البيت النبوي وسيدته سيدة نساء العالمين عليهماالسلام الضحية الاُولىٰ لاُولئك المُحدِثين والمنقلبين ، لأنّهما القطب الذي تدور عليه المعارضة والوجه الذي يحاكي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خُلقاً وأخلاقاً ومنطقاً وهدياً ، ويذكّر الاُمّة بسنته وكتاب ربّه ، فضلاً عن أنّ الزهراء عليهاالسلام تمثل أحد الجناحين اللذين يطير بهما وصي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين عليهالسلام وأحد
_______________________
١) مسند أحمد ٣ : ١٤٠ و ٢٨١ و٥ : ٤٨ و ٥٠ و ٣٣٣ و ٣٨٨ و ٤٠٠. وراجع صحيح البخاري ٦ : ١٠٨ / ١٤٧ و ١٧٩ / ٢٦١ ـ كتاب التفسير و ٨ : ١٩٦ / ١١٣ و ٢١٤ / ١٥٧ و ٢١٦ / ١٦٣ ـ ١٦٦ ـ كتاب الرقاق و ٩ : ٨٣ / ٢ ـ كتاب الفتن. وصحيح مسلم ٤ : ١٧٩٤ / ٢٨ و ١٧٩٥ / ٢٩ و ١٧٩٦ / ٣٢ و ١٨٠٠ / ٤٠ ـ كتاب الفضائل.
٢) المغازي / الواقدي ١ : ٣١٠. والموطأ / مالك ٢ : ٤٦٢ / ٣٢ ـ كتاب الجهاد.