سيلقون من بعدي من أُمّتي قتلاً وتشريداً » (١) ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّكم المقهورون والمستضعفون من بعدي » (٢) ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم لابنته الزهراء عليهاالسلام وهو في مرض الموت « إنّ جبرئيل أخبرني أنّه ليس امرأة من نساء المسلمين أعظم رزية منك » (٣).
فليته يرىٰ بضعته الصديقة الطاهرة وسيدة عترته ، كيف تعرضت لموت بطيء وهي مكلومة الفؤاد قريحة العين منهدّة القوىٰ ، قد أغار أصحابه علىٰ منزلها يحشّون الحطب ويذكون النار في بابها ، وهي تبكي وتستغيث : « يا أبتِ يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة » (٤).
ولم يقف الأمر إلىٰ هذا الحدّ ، بل إنّهم سلبوها نحلتها ومنعوها إرثها وإرث عميد بيتها أمير المؤمنين عليهالسلام وارث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ووصيه وولي المؤمنين من بعده ، حتىٰ ودّعت الحياة وهي غضبىٰ علىٰ أُمّة تكالبت علىٰ تراث محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في المحتضر ، متجاهلة كلّ نصّ ووصية ، متنكرةً لتعاليم السماء ووحيها ووصايا نبيها. وهكذا انقلبت علىٰ عقبيها كما يرشدنا إلىٰ ذلك قول الله العظيم : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ) (٥).
ولاريب أنّ موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس موتاً لمبادئه ووصاياه ، فمن ينقلب
_______________________
١) كنز العمال ١١ : ١٦٩ / ٣١٠٧٤ عن أبي سعيد الخدري.
٢) الطبقات الكبرىٰ / ابن سعد ٨ : ٢٧٨. ومسند أحمد ٦ : ٣٣٩.
٣) فتح الباري / ابن حجر ٨ : ١١١. ومجمع الزوائد / الهيثمي ٩ : ٢٣.
٤) الإمامة والسياسة : ١٣. وأعلام النساء / كحالة ٤ : ١١٥.
٤) سورة آل عمران : ٣ / ١٤٤.