فهو الذي عاد في خيبر يُجبّن أصحابه ويجبّنونه (١) ، فما كانت الراية والفتح وقتل صناديد الكفر لتليق إلّا بمن يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، الكرار غير الفرار ، علي أمير المؤمنين عليهالسلام (٢).
كما فات عنه أنّ صبر أمير المؤمنين عليهالسلام علىٰ القوم ما كان إلّا بعهدٍ من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم له بالصبر عند خذلان الاُمّة (٣) ، وأنّه عليهالسلام كان يقول واصفاً حاله بعد البيعة : « فنظرتُ فإذا ليس لي معين إلّا أهل بيتي ، فضننتُ بهم عن الموت ، وأغضيتُ علىٰ القذىٰ ، وشربت علىٰ الشجا ، وصبرت علىٰ أخذ الكظم وعلى أمرّ من طعم العلقم » (٤).
وقال عليهالسلام : « وطفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذّاء ، أو أصبر علىٰ طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتىٰ يلقىٰ ربه ، فرأيت أنّ الصبر علىٰ هاتا أحجىٰ ، فصبرتُ وفي العين قذىً ، وفي الحلق شجىً ، أرىٰ تراثي نهباً... » (٥).
وخلاصة القول إنّه عليهالسلام آثر بقاء الإسلام الذي نذر حياته وخاض الغمرات لأجله ، فنراه في أحرج المواقف التي واجهته بعد البيعة كان يقول :
_______________________
١) مستدرك الحاكم ٣ : ٣٧. وتاريخ الطبري ٣ : ١٢.
٢) صحيح البخاري ٥ : ٨٧ / ١٩٧ و ١٩٨ ـ كتاب الفضائل ، و٥ : ٢٧٩ / ٢٣١ ـ كتاب المغازي. وصحيح مسلم ٤ : ١٨٧١ / ٣٢ ـ ٣٤ ـ كتاب الفضائل. ومسند أحمد ١ : ١٨٥ ، و٥ : ٣٥٨. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٠٩.
٣) راجع : الاحتجاج / الطبرسي : ٧٥.
٤) نهج البلاغة / صبحي الصالح : ٦٨ الخطبة ٢٦.
٥) نهج البلاغة / صبحي الصالح : ٤٨ الخطبة ٣.