البقيع ، وقال : ويصلّىٰ في مسجد فاطمة عليهاالسلام (١).
وقد اتخذت الزهراء عليهاالسلام من هذا المسجد محراباً للعبادة والدعاء كما تقدم ، وموضعاً للحزن والبكاء علىٰ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال الامام الصادق عليهالسلام : « أما فاطمة عليهاالسلام فبكت علىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتىٰ تأذىٰ بها أهل المدينة ، فكانت تخرج الىٰ مقابر الشهداء فتبكي حتىٰ تقضي حاجتها ثمّ تنصرف » (٢).
إن دموع الزهراء عليهاالسلام تجسّد عمق المأساة التي حلّت بالاسلام بعد موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلاريب أن موته صلىاللهعليهوآلهوسلم خطب جليل ، انقطع به وحي السماء ، وذهب به معلّم الخير والرحمة ، وتكون المصيبة أعظم اذا انقلبت اُمّته علىٰ تعاليم السماء ووحيها ووصايا نبيّها ، وكان المتصدّون لمقامه علىٰ غير هدىً من نهجه ورسالته ، فذلك هو الموت الأخطر والمرارة الكبرىٰ التي ما انفكّت ترافق حياة الزهراء عليهاالسلام بعد أبيها صلىاللهعليهوآلهوسلم فقوّضت بقايا قوّتها ، وهدّت أركانها ، وجعلتها تذوب حتىٰ الممات.
عن أم سلمة : أنها سألت فاطمة عليهاالسلام بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : كيف أصبحت يابنت رسول الله؟ قالت : « أصبحت بين كمد وكرب : فقد النبي ، وظلم الوصيّ » (٣).
عاشت الزهراء عليهاالسلام في سبيل الاسلام قبل أن تعيش لنفسها منذ عهد طفولتها حيث كانت تذبّ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمام طغام قريش وطغاتها ،
_______________________
١) راجع رحلة ابن جبير : ١٧٤ ، وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٧ و ٩١٨ ، أهل البيت / توفيق أبو علم : ١٦٧ ، بحار الانوار ٤٣ : ١٧٧.
٢) الخصال / الصدوق : ٢٧٢ / ١٥. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٤٩٨. وبحار الانوار ٤٣ : ١٥٥ / ١.
٣) المناقب / ابن شهرآشوب ٢ : ٢٠٥ ، بحار الانوار ٤٣ : ١٥٦ / ٥.