ابن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي عليهالسلام ، وهو زيد الأصغر ، من أصحاب الإمام الهادي عليهالسلام ، قال : رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ، ويعلمونه أولادهم ، وقد حدثني به أبي عن جدّي يبلغ به فاطمة عليهاالسلام (١).
لقد اندفعت فاطمة عليهاالسلام في مظاهرة نسائية من بيتها إلىٰ المسجد النبوي ، وهو حاشد بالمهاجرين والأنصار ، فاختارت الكلمة بما تحمله من حجة بالغة وبرهان ساطع سلاحاً للمواجهة وشحذ الهمم ، كي تعرّي أُسس السقيفة وتزعزع كيانها ، فكانت أذكىٰ من نار عمر ، إذ أقرحت العيون ، وأثارت العواطف ، وكسبت الرأي العام حتىٰ هتف الأنصار بذكر علي عليهالسلام ، مما أثار حفيظة أبي بكر ، خوفاً من اضطراب الأمر عليه ، فبالغ في نهيهم (٢) معرّضاً بأمير المؤمنين عليهالسلام مبدياً ما كان يكتم علىٰ ما سيأتي بيانه في محلّه.
والخطبة ذات مضامين عالية وسبك لغوي لا يصدر إلّا عن أهل البيت الذين أوتوا الحكمة وفصل الخطاب ، وأهمّ مضامينها هو تنبيه الاُمّة علىٰ غفلاتها عن حالة الانقلاب علىٰ الاعقاب والإحداث بعد رحيل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فتنازعت سلطانه تاركة أولياءه وعترته وكتابه وسنته « فلمّا اختار الله لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم دار أنبيائه ومأوىٰ أصفيائه ، ظهرت فيكم حسيكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلين ».
« أنّىٰ تؤفكون وهذا كتاب الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة... قد خلّفتموه وراء ظهوركم »
_______________________
١) الشافي / المرتضىٰ ٤ : ٧٦. وشرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٥٢.
٢) شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٥.