قبل وفاتها ، فقد روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال : « أول نعش أُحدث في الإسلام نعش فاطمة عليهاالسلام ، إنّها اشتكت شكوتها التي قبضت فيها ، وقالت لأسماء : إنّي نحلت وذهب لحمي ، ألا تجعلي لي شيئاً يسترني ؟ قالت أسماء : إنّي كنت بأرض الحبشة ، فرأيتهم يصنعون شيئاً ، أفلا أصنع لك ، فإن أعجبك صنعت لك ؟ قالت : نعم. فدعت بسرير فأكبّته لوجهه ، ثمّ دعت بجرائد فشددتها علىٰ قوائمه ، ثم جلّلته ثوباً ، فقالت : هكذا رأيتهم يصنعون. فقالت عليهاالسلام : اصنعي لي مثله ، استريني سترك الله من النار » (١).
قال ابن عباس رضياللهعنه : فقبضت فاطمة عليهاالسلام فارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء ، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، واجتمعت نساء بني هاشم في دارها ، فصرخن صرخة واحدة ، كادت المدينة تتزعزع من صراخهن ، وهن يقلن : يا سيدتاه ، يا بنت رسول الله ، وأقبل الناس إلىٰ علي عليهالسلام مثل عرف الفرس وهو جالس ، والحسن والحسين عليهمالسلام بين يديه يبكيان ، فبكىٰ الناس لبكائهما.
وخرجت أُمّ كلثوم عليهاالسلام وعليها برقعها تجرّ ذيلها ، متجلّلة برداء عليها تسحبه ، وهي تقول : يا أبتاه ، يا رسول الله ، الآن حقاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً (٣).
_______________________
١) تهذيب الأحكام / الطوسي ١ : ٤٦٩ / ١٨٥. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢١٣ / ٤٣. وراجع أيضاً كشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٣ ـ ٥٠٤. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٦٢. وحلية الأولياء / أبو نعيم ٢ : ٤٣. والاستيعاب / ابن عبد البرّ ٤ : ٣٧٨. ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ٨٢. وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٣ ـ ٩٠٥. وذخائر العقبىٰ / المحب الطبري : ٥٤.
٢) كتاب سُليم : ٢١٣. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٩.
٣) روضة الواعظين / الفتال : ١٥١ ـ ١٥٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٢.