وعدم توفقهم إلىٰ تقديم وجه معقول للجمع بين دلالاتها المختلفة مع شدة حرصهم وتمحّلهم في ذلك ، وعليه لمّا كانت الحال هذه والقضية واحدة دلّ هذا علىٰ تهافت الخبر وتناقضه ، وحمق واضعه وسخف المروجين له وانحرافهم.
ثمّ خرج أخيراً بعدة نتائج علىٰ صعيد استقراء سند الحديث ودلالته ، منها تناقض مدلول الخبر مع قطعي السُنّة وواقع الحال ، وعدم تناسبه وشأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته ( صلوات الله عليهم ) من عدّة وجوه ، ومنها أن الخبر موضوع من قبل آل الزبير المعروفين بعدائهم السافر لأهل البيت عليهمالسلام ، فقد كان من رواته عبدالله بن الزبير ، وهو الذي قال فيه أمير المؤمنين عليهالسلام : « ما زال الزبير رجلاً منّا أهل البيت حتىٰ نشأ ابنه المشؤوم عبدالله » (١).
قال ابن أبي الحديد : كان عبدالله بن الزبير يبغض عليّاً وينتقصه ، وينال من عرضه (٢). وقال أيضاً : كان عبدالله بن الزبير من المنحرفين عن علي المبغضين له... وكان سبّاباً فاحشاً ، يبغض بني هاشم ، ويلعن ويسبّ علي ابن أبي طالب (٣).
ومنهم أخوه عروة بن الزبير وجماعة من المحيطين بآل الزبير من أعوانهم وأنصارهم ممن قدّمنا ذكرهم آنفاً (٤).
ثم إنّه لابدّ من الاشارة إلىٰ أنّ حديث البضعة مخرّج من طرق صحيحة دون ذكر لهذه الحكاية المختلقة ، كما قدّمناه أولاً ، ممّا يدلّ علىٰ أن لواضعي
_______________________
١) نهج البلاغة / صبحي الصالح : ٥٥٥ / ٤٥٣.
٢) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٦١.
٣) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٧٩.
٤) خطبة علي عليهالسلام ابنة أبي جهل / السيد علي الميلاني : ٥ ـ ٨٠ ـ مركز الغدير ـ قم.