إلى مكانك، فإن المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك، فأنت خليفتي في أهلي ودار هجرتي وقومي، أما ترضىٰ أن تكون مني بمنزلة هارون من موسىٰ، إلّا إنّه لا نبيّ بعدي » (١).
وجاء في طبقات ابن سعد (٢) انَّه قال : أخبرنا الفضل بن دُكين، قال : أخبرنا فضل بن مرزوق عن عطية، حدَّثني أبو سعيد، قال : غزا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غزوة تبوك وخلَّف عليَّاً في أهله، فقال بعض الناس : ما منعه أن يخرج به إلَّا أنَّه كَرِهَ صحبته، فبلغ ذلك عليَّاً فذكره للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم، فقال : « يا ابن أبي طالب، أما ترضىٰ أن تنزل منَّي بمنزلة هارون من موسىٰ ».
وفي احدىٰ الروايات : قال : فأدبر عليٌّ مسرعاً، كأنِّي أنظر إلىٰ غبار قدميه يسطع.. وبلا شكٍّ لقد قال النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليٍّ عليهالسلام هذه المقالة، وقد استخلفه في المدينة وكشف عن منزلته منه، وعن منزلته بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم.. أمّا لماذا راجع عليٌّ عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمر استخلافه في المدينة فالأصح والأنسب «أن يكون عليٌّ عليهالسلام قد عزَّ عليه أن تفوته معركة من معارك الإسلام، لاسيما وأنَّه يتَّجه إلىٰ عدوٍّ يفوق المسلمين بعدده وعتاده عشرات المرَّات، فكان يتمنَّىٰ أن يبقىٰ إلىٰ جانبه يفديه بنفسه وروحه، كما كان يصنع في بقية المعارك، وعندما أشعر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك أجابه بتلك الكلمات التي اتَّفق عليها المؤرِّخون والمحدِّثون» (٣).
_______________________
١) الارشاد ١ : ١٥٦.
٢) طبقات ابن سعد ٣ : ١٧.
٣) سيرة الأئمة الاثني عشر ١ : ٢٣٩.