الدين ولا سابقتكم العظيمة في الإسلام ، رضيكم الله أنصاراً لدينه ورسوله . . فنحن الأمراء وأنتم الوزراء » ! علىٰ حدِّ تعبير أبي بكر (١) .
ولمَّا عارض أحد الأنصار بذكر فضائلهم ونصرتهم للنبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعدم تسليم الأمر للمهاجرين ، ردَّ عليه عمر بقوله : « هيهات لا يجتمع سيفان في غمد ، والله لا ترضىٰ العرب أن تؤمِّركم والنبيُّ من غيركم ، ولا تمتنع العرب أن تولِّي أمرها من كانت النبوَّة فيهم ، ولنا بذلك الحجَّة الظاهرة ، من نازعنا سلطان محمَّد ونحن أولياؤه وعشيرته إلَّا مدلٍ بباطلٍ ، أو متجانفٍ لإثمٍ ، أو متورِّطٍ في هلكة » ! !
هذه حجَّتهم الظاهرة : قوم محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أولياؤه وعشيرته لا ينازعهم علىٰ سلطان محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلَّا ظالم ، متجاهلين عليَّ بن أبي طالب عليهالسلام الذي بايعوه وبايعه مئة ألف أو يزيدون في غدير خمٍّ ، وبعد فهو أقرب الناس إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في العلم والزهد وسائر الصفات المستلزمة للإمامة والولاية العامة وأخصُّهم به ، وهو ابن عمِّه الذي نشأ في بيته ، كما نشأ النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيت أبيه أبي طالب !
فقال بشير بن سعد ـ أحد زعماء الأنصار ـ : « يا معشر الأنصار ، إنَّا والله وإن كنَّا أولي فضيلة وسابقة في الدين ، إلَّا أنَّ محمَّداً من قريش وقومه أولىٰ به ، وأيمُ الله لا يراني الله أُنازعهم هذا الأمر أبداً » .
فقال أبو بكر : هذا عمر ، وهذا أبو عبيدة ، فأيُّهما شئتم فبايعوا . . فأدار عمر ظهره لأبي بكر ، وقال لأبي عبيدة : ابسط يدك أُبايعك ، فأنت أمين
_______________________
١) الإمامة والسياسة / ابن قتيبة ١ : ١٤ ـ ١٥ ، مكتبة ومطبعة مصطفىٰ بابي الحلبي ـ مصر ١٩٦٩ م .