بصوت مرتفع : « سبحان الله ! لقد ادَّعىٰ ما ليس له » . فرجع قنفذ وأبلغه كلام عليٍّ فبكىٰ أبو بكر طويلاً . .
أمَّا عمر فتعجَّل الأمر ، وأتىٰ بيت عليٍّ مع جماعة وطرقه بشدَّة ، فلمَّا سمعت فاطمة أصواتهم نادت : « يا أبتِ يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطَّاب وابن أبي قحافة » ؟ !
فانصرف القوم باكين لبكائها ومناجاتها أباها ، إلَّا عمر لم يتصدَّع قلبه لبكاء ابنة رسول الله وبضعته ، فبقي معه جماعة ، حتىٰ أخرجوا عليَّاً عليهالسلام فمضوا به إلىٰ أبي بكر ، وعرضوا عليه البيعة فأجابهم بكلِّ ثبات وعزيمة : « أنا أحقُّ بهذا الأمر منكم ، لا أُبايعكم وأنتم أولىٰ بالبيعة لي » .
فقالوا : نضرب عنقك ! !
فقال عليهالسلام : « إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله » !
فقال عمر : أمَّا عبد الله فنعم ، وأمَّا أخو رسوله فلا !
وأبو بكر ساكت ! ثُمَّ قال عمر لأبي بكر : ألا تأمر فيه بأمرك ؟ !
فأجابه الخليفة : لا أُكرهه علىٰ شيء ما دامت فاطمة إلىٰ جنبه !
فلحق عليٌّ عليهالسلام بقبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يصيح ويبكي وينادي : « يا ابن أمِّ إنَّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » (١) .
وهكذا وقع سريعاً تأويل ما أخبر به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً عليهالسلام :
_______________________
١) أنظر : شرح النهج ٢ : ٥٦ ، ٦ : ١١ ، الإمامة والسياسة : ١٢ ـ ١٣ ، تاريخ اليعقوبي ـ مختصراً ـ ٢ : ١٢٦ ، الفتوح ابن أعثم ١ : ١٣ ، دار الكتب العلمية ، ط ١ ـ ١٤٠٦ هـ .