أبو بكر، حذراً كما أوصاه صاحبه : «إحذر هؤلاء النفر من أصحاب رسول الله الذين انتفخت أوداجهم وطمحت أبصارهم» وكأنِّي أراه لا يقصد إلَّا عليَّ بن أبي طالب!
وشدَّد عمر علىٰ هؤلاء النفر، حسب ما أوصىٰ إليه ابن أبي قحافة، فأوَّل ما بادر إلىٰ فعله : حبس هؤلاء الثَّلة المؤمنة في المدينة ولا يسمح لهم أيضاً أن يقاتلوا الكفَّار مع المسلمين كي لا تنتفخ أوداجهم! ويقول لمن يلتمس منه الجهاد : لقد كان لك في غزوك مع رسول الله ما يكفيك، نعم ما يكفيه من الثواب والشرف!! عجباً وألف عجب!!
نرجع القول مرَّة أُخرىٰ : قد اعترفوا بحقِّ عليٍّ عليهالسلام في الخلافة، فهذا عمر بن الخطَّاب، في حوار مع ابن عبَّاس دار بينهما، يعترف بظلامة ابن أبي طالب.. وفي الحقيقة نلتمس من جواب ابن الخطَّاب علىٰ أسئلة ابن عبَّاس تبريرات عديدة في إقصاء عليٍّ عليهالسلام عن حقِّه في خلافة الرسول.
يقول عمر أمام ابن عبَّاس : «لقد كان من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمره ذروٌ من قول، لا يُثبت حجَّةً ولا يقطع عذراً، ولقد كان يربعُ في أمره وقتاً ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرِّح باسمه، فمنعتُ من ذلك..» وكذا أيضاً في حديث ابن عبادة (١).
وفي عدَّة مواضع مع ابن عبَّاس :
قال ابن عبَّاس : إنِّي لأُماشي عمر في المدينة، إذ قال لي : يا ابن عبَّاس، ما أرىٰ صاحبك إلَّا مظلوماً.
_______________________
١) انظر شرح نهج البلاغة ٦ : ٤٤.